سؤالي متعلق بالعمرة في رمضان ، حيث إنني سأذهب قريبا للعمرة ، فأتمنى الإجابة عن سؤالي . والد صديق لي في سوريا في دمشق اختفى من أربع سنوات ، ولا نعلم عنه شيئا ، وقد أمضينا الأربع سنوات الأخيرة نبحث ونسأل عنه ، ولا جدوى إلى الآن ، ولا أثر ، ولا خبر فأسئلتي هي : 1) هل نحكم على والد صديقي بالوفاة ؟ وماهي أحكام اعتبار المختفي ميتا ؟ 2) هل يجوز أن أقوم بأداء عمرة عنه ؟ 3) هل نأخذ كلينا أجر العمرة في رمضان والتي هي حجة -إن شاء الله- ؟ أم إنني أنا فقط من أنال هذا الأجر ؟
الحمد لله.
أولاً:
إذا فُقد إنسان ، وغاب غيبة منقطعة لا يدرى عن حاله فيها ، أحي هو أم ميت ؟ فإنه يحكم بوفاته بعد مضي مدة ، يغلب على الظن : أنه لو كان حيا ، لعثرنا له على خبر .
والراجح في تحديد هذه المدة أنه يرجع فيها إلى القضاء ، فالقاضي الشرعي هو الذي يحدد تلك المدة ، لاختلاف أحوال المفقودين وما يكتنفها من عوارض ، فينظر في حال كل مفقود ويحدد المدة المناسبة للحادثة .
وينظر جواب السؤال : (226048) .
وهذا المفقود في سوريا إذا كان قد خرج من بيته خروجه المعتاد ، ولم يرجع منذ أربع سنوات ، فهذه غيبة يغلب على الظن هلاك صاحبها .
لكن نظرا لتعقد الأوضاع وظروف الناس في بلاد الشام ، وأيضا : لعظم الأحكام المترتبة على الحكم بوفاته ، فلا يتولى الحكم بوفاته إلا القضاء الشرعي .
قال الشيخ ابن عثيمين – في مسألة المفقود - :
" لا بد من حكم الحاكم ؛ لئلا يقع الناس في الفوضى ؛ لأننا إذا قلنا : كل امرأة تفقد زوجها تتربص المدة التي يغلب على ظنها أنه مات ، ثم تتزوج ، صار في هذا فوضى ...
لا بد من مراجعة القاضي ، وهو الذي يتولى هذا الأمر ، وهذا متعين " انتهى من " الشرح الممتع " (13/374) .
فإذا كان في منطقتكم قاضٍ شرعي، فإنه يرجع إليه للحكم في هذه القضية .
فإن لم يوجد أو تعذر الوصول إليه ، فإن أهل العلم في منطقتكم يقومون مقام القاضي الشرعي للضرورة ، فيحكم في ذلك بعض الثقات من أهل العلم ، المؤهلين للفتوى في مثل ذلك ؛ ويكون حكمه لازما كحكم القاضي .
قال الدسوقي المالكي رحمه الله :
"(تنبيه) من جملة أمر الغائب : فسخ نكاحه لعدم النفقة ، أو لتضرر الزوجة بخلو الفراش، فلا يفسخ نكاحه إلا القاضي، ما لم يتعذر الوصول إليه ، حقيقة أو حكما، بأن كان يأخذ دراهم على الفسخ .
وإلا ؛ قام مقامه جماعة المسلمين ، كما ذكر ذلك شيخنا العدوي" انتهى من "حاشية الدسوقي" (3/ 302).
ثانيا :
أما الأحكام المترتبة على الحكم بوفاة المفقود فكثيرة ، أهمها :
أن أمواله تقسم بين ورثته إذا حكم القاضي بوفاته .
أن زوجته تعتد عدة وفاة من حين الحكم بوفاته ، وبعد انقضاء عدتها لها أن تتزوج إن شاءت .
وينظر جواب السؤال رقم : (214999) .
وأما ما فيما يتعلق بالعمرة عن هذا المفقود : فلا بأس بالاعتمار عنه ولو لم يحكم القاضي بوفاته ؛ فعمل الطاعة عن الغير ، أو هبة الثواب له : ليس فيه اعتداء على حق من حقوق المفقود ، ولا أحد من أقاربه ؛ فلا هو إضاعة لحق ، ولا تضييع لحد ، ولا يتشدد فيه تشدد الحقوق ، والأمر فيها أوسع ، بحمد الله .
وينظر جواب السؤال:(228060) .
ثالثا :
إذا اعتمر أو حج عن ميت أو عاجز ، فهل له مثل أجره ، أو أن الأجر للمنوب عنه ؟
في المسألة قولان لأهل العلم ، والنصوص فيها ليست صريحة .
وعلى كل حال ، فلا شك أن للنائب أجرا بإحسانه لأخيه بأداء النسك عنه ، وبما يحصلُ له من الطاعات المستقلة الخارجة عن أعمال الحج ، والتي يؤديها في الحرم ، من صلاة وذكر ودعاء ، وغير ذلك .
وما كان زيادة على أجر ذلك : فمرده إلى الله ، والله عظيم الفضل والإحسان .
وينظر للاستزادة جواب السؤال : (174707) .
والله أعلم .