الحمد لله.
أولا :
الحور العين على الغاية من الجمال والحسن ، وهنّ -مع ذلك- يزددن – دائما- حسنا وجمالا ، كما في الحديث عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَسُوقًا يَأْتُونَهَا كُلَّ جُمُعَةٍ فَتَهُبُّ رِيحُ الشَّمَالِ فَتَحْثُو فِي وُجُوهِهِمْ وَثِيَابِهِمْ فَيَزْدَادُونَ حُسْنًا وَجَمَالًا ، فَيَرْجِعُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ وَقَدْ ازْدَادُوا حُسْنًا وَجَمَالًا ، فَيَقُولُ لَهُمْ أَهْلُوهُمْ : وَاللَّهِ لَقَدْ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْنًا وَجَمَالًا ، فَيَقُولُونَ : وَأَنْتُمْ وَاللَّهِ لَقَدْ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْنًا وَجَمَالًا رواه مسلم ( 2833 ) .
قال ابن علان رحمه الله :
" فيه إيماء إلى أن الجمال متزايد في الجنة ، شيئاً بعد شيء " انتهى من"دليل الفالحين" (8/ 734) .
وقال ابن القيم رحمه الله – في وصف الحور العين - :
" لا تزداد على طول الأحقاب إلا حسنا وجمالا " انتهى من"حادي الأرواح" (ص: 282) .
فهن في حسن وجمال متزايد ، وهذا من تمام فضل الله على أهل الجنة .
وينظر السؤال رقم : (60188) ، (96619).
ثانيا:
القول بأن المؤمن من أهل الجنة إذا أعاد النظر إلى زوجته من الحور العين ، ازدادت جمالا سبعين مرة :
ورد فيه ذلك الحديث الطويل الذي أخرجه الحاكم في "مستدركه" (8751)، والطبراني في "المعجم الكبير" (9763)، وعبد الله بن أحمد في "السنة" (1203)، والمروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (278)، والبيهقي في "البعث والنشور" (434)، وابن أبي الدنيا في "صفة الجنة" (29) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:
يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلَمْ تَرْضَوْا مِنْ رَبِّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَصَوَّرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ أَنْ يُوَالِيَ كُلُّ إِنْسَانٍ مَا كَانَ يَعْبُدُ فِي الدُّنْيَا وَيَتَوَلَّى ... .
وذكر الحديث بطوله ، وفيه :
فَيَدْخُلُ – أي المؤمن ، يدخل قصره في الجنة، بعد أن ينجو من النار - فَإِذَا هُوَ بَحَوْرَاءَ عَيْنَاءَ، عَلَيْهَا سَبْعُونَ حُلَّة ، يُرَى مُخُّ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ حُلَلِهَا، كَبِدُهَا مِرْآتُهُ وَكَبِدُهُ مِرْآتُهَا .
إِذَا أَعْرَضَ عَنْهَا إِعْرَاضَةً ، ازْدَادَتْ فِي عَيْنِهِ سَبْعِينَ ضِعْفًا عَمَّا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ !!
فَيَقُولُ: لَقَدِ ازْدَدْتِ فِي عَيْنِي سَبْعِينَ ضَعْفًا، وَتَقُولُ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ ...
.
والحديث صححه الحاكم ، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/ 343):
" رَوَاهُ كُلَّهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طُرُقٍ، وَرِجَالُ أَحَدِهَا رِجَالُ الصَّحِيحِ، غَيْرَ أَبِي خَالِدٍ الدَّالَانِيِّ، وَهُوَ ثِقَةٌ ".
وقال البوصيري في "إتحاف الخيرة المهرة" (8/ 156):
" رَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ ".
وقال المنذري في "الترغيب والترهيب" (4/ 213):
" رواه ابن أبي الدنيا والطبراني من طرق، أحدها صحيح ".
وقال ابن القيم في "حادي الأرواح" (ص: 308):
" رواه المصنفون في السنة، كعبد الله بن أحمد والطبراني والدارقطني في كتاب الرؤية، رواه من طريق كرز بن وبرة عن نعيم بن أبي هند عن أبي عبيدة عن عبد الله .
ورواه من طريق الدالاني حدثنا المنهال بن عمرو عن أبي عبيدة به .
ورواه من طريق زيد بن أبي أنيسة عن المنهال بن عمرو عن أبي عبيدة به .
ورواه من طريق أحمد بن أبي طيبة عن كرز بن وبرة، عن نعيم بن أبي هند عن أبي عبيدة به " انتهى مختصرا .
وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" (3591) .
وقال الذهبي في "تلخيص المستدرك" تعقيبا على تصحيح الحاكم :
" ما أنكره حديثا، على جودة إسناده " انتهى .
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله في "تفسيره" (1/567) : " فيه غرابة " .
وينظر : "حادي الأرواح" لابن القيم ، حاشية المحقق ، عالم الفوائد (2/643) ، "المنتخب من علل الخلال" ، وحاشيته ، رقم (166) .
ولا تطمئن النفس لتصحيح هذا الحديث؛ لما فيه من الغرائب، مع طوله ، وقد رواه الإمام مسلم رحمه الله في "صحيحه" مختصرا (187) ، عن ابن مسعود مرفوعا ، وليس فيه مما في هذا السياق كبير شيء .
وقد قال الإمام المنذري في موضع آخر من "الترغيب والترهيب" (4/ 278):
" رواه ابن أبي الدنيا والطبراني والحاكم هكذا عن ابن مسعود مرفوعا، وآخره من قوله: " إن الله جل ذكره خلق دارا ... " إلى آخره موقوفا على كعب، وأحد طرق الطبراني صحيح، واللفظ له، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، وهو في مسلم بنحوه باختصار عنه " انتهى .
وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة في الصحيحين وغيرهما ، مما ورد في اجتياز الصراط ، ودخول أهل الجنة الجنة ، ودخول آخرهم الجنة ، وصفات الحور العين، ما لم يرد فيها كثير مما ورد في هذا الحديث ، ومن ذلك: عبارة الحور العين هذه .
ففي ثبوتها نظر.
ومن أثبت هذا الحديث ، وأخذ بتصحيح من تقدم من العلماء له، فلا شك أن معه حجته.
والله أعلم .