الحمد لله.
الاجابةالظاهر من سؤالك أن الشقة التي سجلتها باسم زوجتك جزء من مهرها، واحتمال أن تكون هدية أمر مستبعد!
وإذا تم الخلع على أن تتنازل المرأة عن المهر، فإنه يلزمها أن ترد الشقة إليك؛ لأنها جزء من المهر.
والأصل في ذلك: ما روى البخاري في صحيحه (4867) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلا دِينٍ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟ قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ، وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً).
والقاضي إنما يحكم بحسب الأوراق المقدمة، وهذا لا يبيح للمرأة أن تكتم أي شيء من المهر غير مكتوب في هذه الأوراق، ما دام أن الخلع قد تم على أن تتنازل عن مهرها.
وقد جاء الوعيد الشديد في حق من أخذ حق غيره اعتمادا على حكم القاضي الذي بناه على ظاهر ما يسمع.
قال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ وَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلَا يَأْخُذْ ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ) رواه البخاري (6967) ومسلم (1713).
فحكم القاضي لا يحل الحرام في الحقيقة، ولا يسقط حق المطالبة.
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم: " وَفِي هَذَا الْحَدِيث: دَلَالَة لِمَذْهَبِ مَالِك وَالشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَجَمَاهِير عُلَمَاء الْإِسْلَام وَفُقَهَاء الْأَمْصَار مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدهمْ :
أَنَّ حُكْم الْحَاكِم لَا يُحِيل الْبَاطِن , وَلَا يُحِلّ حَرَامًا , فَإِذَا شَهِدَ شَاهِدا زُورٍ لِإِنْسَانٍ بِمَالٍ , فَحَكَمَ بِهِ الْحَاكِم ; لَمْ يَحِلّ لِلْمَحْكُومِ لَهُ ذَلِكَ الْمَال , وَلَوْ شَهِدَا عَلَيْهِ بِقَتْلٍ لَمْ يَحِلّ لِلْوَلِيِّ قَتْله مَعَ عِلْمه بِكَذِبِهِمَا , وَإِنْ شَهِدَا بِالزُّورِ أَنَّهُ طَلَّقَ اِمْرَأَته لَمْ يَحِلّ لِمَنْ عَلِمَ بِكَذِبِهِمَا أَنْ يَتَزَوَّجهَا بَعْد حُكْم الْقَاضِي بِالطَّلَاقِ .
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ -: يُحِلّ حُكْم الْحَاكِم الْفُرُوج دُون الْأَمْوَال , فَقَالَ: يَحِلّ نِكَاح الْمَذْكُورَة , وَهَذَا مُخَالِف لِهَذَا الْحَدِيث الصَّحِيح وَلِإِجْمَاعِ مَنْ قَبْله , وَمُخَالِف لِقَاعِدَةٍ وَافَقَ هُوَ وَغَيْره عَلَيْهَا , وَهِيَ أَنَّ الْأَبْضَاع أَوْلَى بِالِاحْتِيَاطِ مِنْ الْأَمْوَال. وَاللَّهُ أَعْلَم.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فَإِنَّمَا أَقْطَع لَهُ بِهِ قِطْعَة مِنْ النَّار) مَعْنَاهُ: إِنْ قَضَيْت لَهُ بِظَاهِرٍ يُخَالِف الْبَاطِن : فَهُوَ حَرَام يَؤُول بِهِ إِلَى النَّار " انتهى.
فينبغي نصح المرأة وأهلها، وتذكيرهم بالله تعالى، وتخويفهم من أكل المال بالباطل.
والله أعلم.
الخلع