أنا أريد معرفة صحة أن بعض علمائنا في كتاب "العين" للخليل قال : إن معنى الحشرة هي صغار دواب مثل اليرابيع والقنافذ والضباب ونحوها، وأيضا كتاب "المخصص" قيل فيه : إن الطيور من الحشرات، فهم يحتجون بهذا . وقِيل : الصَّيْدُ كُلُّه حَشَرةٌ سواءٌ تَصَاغَرَ أو تَعاظَمَ أو الحَشَرَةُ : ما تَعَاظَمَ مِنْهُ هكذا في سائِرِ النُّسَخ ، وهو يَقْتَضِي أن يكُونَ الضَّمِيرُ راجِعاً للصَّيْد ولَيْس كذلك . كل هذه الحجج لتبرير فتواهم عن أن الأرنب من الحشرات ، فأريد معرفة صحة ما قيل ؛ لأرد عليهم ؟ كما أريد معرفة صحة الرواية التالية ؟ فوثب علي عليه السلام ، فأخذ بتلابيبه ، ثم نتره فصرعه ، ووجأ أنفه ، ورقبته ، وهم بقتله ، فذكر قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وما أوصاه به ، فقال : والذي كرم محمداً بالنبوة - يا بن صهاك - لولا كتاب من الله سبق وعهد عهده إلي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلمت إنك لا تدخل بيتي ، أبو بكر يصدر أمره بإحراق البيت مرة أخرى ، فأرسل عمر يستغيث ، فأقبل الناس حتى دخلوا الدار ، وثار علي عليه السلام إلى سيفه ، فرجع قنفذ إلى أبي بكر ، وهو يتخوف أن يخرج علي عليه السلام إليه بسيفه ، لما قد عرف من بأسه وشدته ، فقال أبو بكر لقنفذ : إرجع ، فإن خرج وإلاّ فاقتحم عليه بيته ، فإن إمتنع فاضرم عليهم بيتهم النار ، فانطلق قنفذ الملعون ، فاقتحم هو وأصحابه بغير إذن ، وثار علي عليه السلام إلى سيفه فسبقوه إليه ، وكاثروه وهم كثيرون ، فتناول بعضهم سيوفهم فكاثروه ، وضبطوه فألقوا في عنقه حبلاًً " .
الحمد لله.
أما أكل الأرنب، فلا حاجة لنا إلى النظر هل هو من الحشرات أم لا، فالجراد حشرة وقد أبيح لنا أكلها، وقد ثبت النص بإباحة أكل الأرنب، لما روى البخاري (5535) ، ومسلم (1953) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه : " أنه صاد أرنباً ، وأتي بها أبا طلحة فَذَبَحَهَا فَبَعَثَ بِوَرِكِهَا وَفَخِذَيْهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَتَيْتُ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَبِلَهُ " .
وانظر جواب السؤال رقم: (153136).
وأما القصة المذكورة : فإنها من اختلاق الرافضة، وكذبهم، وافترائهم، وقد اخترعها الرافضة لذم الخلفاء الراشدين، وسادة أصحاب الرسول، وقادة الأمة قصة يضحك منها حتى السفهاء والأطفال ولكن قيل قديماً: إذا لم تستح فاصنع ما شئت.
فانظر إلى واضعها كيف ينسج ويخترع قصة طويلة، ملؤها سب وشتم للطعن في الصحابة .
وواضعها هو محدثهم الأقدم - كما يسمونه - الذي استفاد منه الكليني والصدوق وغيرهما، ورووا عنه في كتبهم، وهو سليم بن قيس فلم يجد سبًا قبيحًا ولا شتيمة خبيثة إلا وقد استعملها فيهم، وفي كتابه ما ينزه عنه علي رضي الله عنه .
وسليم بن قيس العامري هذا شيعي لعان سباب خبيث.
انظر: "موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام" (5/ 463).
والحاصل:
أن القصة المذكورة في شأن الأرنب: مكذوبة ، لا أصل لها في دواوين الإسلام التي يعتمد عليها .
والله أعلم