أطعم في كفارة يمين خبزا وبيضا وحليبا، فما حكم ذلك؟

01-12-2017

السؤال 278729

أخرجت كفارتي يمين ، وكانتا عبارة عن خبز وبيض وحليب ، وبعض الأشخاص أطعمتهم في الكفارة الأولى والثانية ، فهل نوعية الطعام المخرج تجوز مع العلم أنني شاب عاطل عن العمل ؟ وهل يجوز أن أطعم بعضهم في الكفارة الأولى والثانية ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

قال الله تعالى: ( لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) المائدة /89.

فالله تعالى قيّد الإطعام بأن يكون: ( مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ ).

قال القرطبي رحمه الله تعالى:

" قوله تعالى: ( مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ ) قد تقدم في "البقرة" أن الوسط بمعنى الأعلى والخيار، وهو هنا منزلة بين منزلتين، ونصف بين طرفين " انتهى، من "تفسير القرطبي" (8 / 141).

فأحال الله تعالى المسلم، لمعرفة مقدار ما يطعم في كفارة اليمين، إلى أوسط الطعام الذي يطعمه أهله عادة ، وهذا يختلف باختلاف أحوال الناس ، وما يطيقون من ذلك .

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: (  كَانَ الرَّجُلُ يَقُوتُ أَهْلَهُ قُوتًا فِيهِ سَعَةٌ، وَكَانَ الرَّجُلُ يَقُوتُ أَهْلَهُ قُوتًا فِيهِ شِدَّةٌ، فَنَزَلَتْ: ( مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ ). ) رواه ابن ماجه (2113).

قال البوصيري في "مصباح الزجاجة" (2 / 135): " هذا إسناد موقوف صحيح الإسناد "، وصحح إسناده الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" (2 / 199).

وروى سعيد بن منصور في كتاب التفسير من سننه (794) عَنِ الْحَسَنِ : ( فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ، قَالَ: مَكُّوكًا مِنْ تَمْرٍ، ومَكُّوكًا مِنْ بُرّ، وَإِنْ دَعَاهُمْ فَأَطْعَمَهُمْ خُبْزًا وَلَحْمًا، أَوْ خُبْزًا وَزَيْتًا، أَوْ خُبْزًا وَسَمْنًا، أَوْ خُبْزًا ولبنًا، أَجْزَأ ذلك عنه )، وصحح إسناده محقق السنن الشيخ سعد الحميد.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

" وإذا اختار أن يطعم عشرة مساكين: فله ذلك.

ومقدار ما يطعم مبني على أصل، وهو أن إطعامهم: هل هو مقدر بالشرع؟ أو بالعرف؟ فيه قولان للعلماء: ...

والقول الثاني: أن ذلك مقدر بالعرف، لا بالشرع، فيطعم أهل كل بلد من أوسط ما يطعمون أهليهم، قدرا ونوعا. وهذا معنى قول مالك؛ قال إسماعيل بن إسحاق: كان مالك يرى في كفارة اليمين أن المد يجزئ بالمدينة. قال مالك: وأما البلدان فإن لهم عيشا غير عيشنا ، فأرى أن يكفروا بالوسط من عيشهم؛ لقول الله تعالى: ( مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ )، وهو مذهب داود وأصحابه مطلقا.

والمنقول عن أكثر الصحابة والتابعين هذا القول؛ ولهذا كانوا يقولون : الأوسط خبز ولبن، خبز وسمن، وخبز وتمر. والأعلى خبز ولحم .

وقد بسطنا الآثار عنهم في غير هذا الموضع، وبينا أن هذا القول هو الصواب الذي يدل عليه الكتاب والسنة والاعتبار، وهو قياس مذهب أحمد وأصوله، فإن أصله أن ما لم يقدره الشارع فإنه يرجع فيه إلى العرف، وهذا لم يقدره الشارع ، فيرجع فيه إلى العرف، لا سيما مع قوله تعالى ( مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ ) ...

وإذا جمع عشرة مساكين وعشاهم خبزا ، أو أدما ، من أوسط ما يطعم أهله، أجزأه ذلك عند أكثر السلف، وهو مذهب أبي حنيفة، ومالك، وأحمد في إحدى الروايتين وغيرهم، وهو أظهر القولين في الدليل، فإن الله تعالى أمر بالإطعام؛ لم يوجب التمليك، وهذا إطعام حقيقة " انتهى، من "مجموع الفتاوى" (35 / 349 - 352).

وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (23 / 5 – 6):

" كفارة اليمين بينها الله جل وعلا في قوله تعالى:

( لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ ).

والإطعام المذكور هو: أن يعطى كل مسكين نصف صاع من قوت البلد، من تمر وغيره، أو يغدى أو يعشى من أوسط ما يطعم الإنسان أهله ...

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عبد الله بن قعود ، عبد الرزاق عفيفي ، عبد العزيز بن عبد الله بن باز " انتهى.

فالحاصل؛ أن ما قمت به من إطعام الفقراء خبزا وبيضا وحليبا : الذي يظهر أنه طعام وسط ، وأن ذلك يجزئ من كفارة يمينك ، إن شاء الله .

ثانيا:

إطعامك لبعض المساكين في كفارة ، ثم إعادة إطعامك لهم في كفارة أخرى : جائز لا حرج فيه؛ ما دام أن المساكين الذين أطعمتهم اكتمل عددهم عشرة مساكين في كل كفارة  ، كما أمر الله تعالى؛ لأن  كل كفارة منفصلة ومستقلة عن الأخرى ، وإنما الممنوع أن تطعم مسكينا واحدا مرتين في كفارة واحدة ، لأنك بهذا ستكون أطعمت تسعة مساكين وليس عشرة .

والله أعلم.

الأيمان والنذور
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب