الحمد لله.
العقد شريعة المتعاقدين، بمعنى أن ما تم الاتفاق عليه يكون ملزما لهما، ما لم يخالف الشرع؛ لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) المائدة / 1، وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ) رواه أبو داود (3594) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
والمسألة فيها تفصيل:
فإذا كانت الشقتان تؤجران معا بأربعة وعشرين ألفا، في صفقة واحدة، ولم يقبل المالك – أو مكتب العقار- بأن يؤجر كل واحدة على حدة ، وتم الاتفاق بينك وبين صاحبك على أنك تدفع عشرة آلاف، ثم رضيت أنك تدفع أحد عشر ألفا، فيلزمك ذلك، لأن تقسيم الأجرة بينكما راجع إليكما، وقد رضيت بالزيادة، ومضى الأمر على ذلك.
وهكذا لو تراضيتما الآن على شيء آخر، كان ملزما لكما.
على أن يكون لزوم العقد إنما هو في المدة الأولى التي يجري عمل المكاتب على الإيجار بها ؛ إما ستة أشهر ، وإما سنة على حسب الاتفاق ونظام المكتب .
فإذا انقضت مدة الاتفاق الأولى : كان لك أن تترك الشقة ، أو تتفق مع المكتب على العقد الذي يلائمك في إيجار شقتك ، سواء وافق صاحبك على ذلك ، أو لم يوافق ، ما دمت ستؤجر شقتك إيجارا مستقلا عنه .
ثم إذا ناسبك أنت أيضا ذلك ، وإلا تركت الشقة ، وبحثت عن سكن آخر .
وأما إذا كانت كل شقة تؤجر إيجارا مستقلا عن الأخرى ، وبعقد مستقل، واستأجرت الشقة بعشرة آلاف، فهذا هو الذي يلزمك.
وما زدته على ذلك تبرع لصاحبك، ولك أن تتوقف عنه، وتقتصر على ما يلزمك ، وهو عشرة آلاف؛ لأن الارتباط العقدي هو ما بينك وبين مالك الشقة أو وكيله وهو المكتب.
والتبرع والهبة : يجوز الرجوع فيها قبل القبض.
وفي "الموسوعة الفقهية" (6/ 164): " ويجوز الرجوع في الهبة قبل القبض عند الجمهور، فإذا تم القبض فلا رجوع عند الشافعية والحنابلة ، إلا فيما وهب الوالد لولده، وعند الحنفية يجوز الرجوع إن كانت لأجنبي.
أما المالكية فلا رجوع عندهم في الهبة قبل القبض وبعده في الجملة، إلا فيما يهبه الوالد لولده" انتهى.
والنصيحة لكما أن تحرصا على ما بينكما من الصلة والجوار ، وتوسطا من يحل الأمر بينكما .
ولو اقتسمتما الألف الذي فيه الخلاف
والله أعلم.