الحمد لله.
أمر الله تعالى ببر الوالدين والإحسان إليهما، وقرن ذلك بعبادته وطاعته، فقال: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) النساء/36
ولا يسقط حق الوالدين في هذا البر، ولو كانا كافرين أو فاجرين، كما قال تعالى: (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) لقمان/15
ولهذا فالواجب أن تبري والدك قدر استطاعتك، ومن ذلك نصحه ، ودعوته بالحسنى إلى إقامة الصلاة، وترك المخدرات.
قال ابن مفلح في الآداب الشرعية (1/ 449):
" قال أحمد في رواية يوسف بن موسى: يأمر أبويه بالمعروف وينهاهما عن المنكر.
وقال في رواية حنبل: إذا رأى أباه على أمر يكرهه : يعلمه ، بغير عنف ، ولا إساءة، ولا يغلظ له في الكلام، وإلا تركه، وليس الأب كالأجنبي" انتهى.
فإن قصر في الإنفاق عليكم، أو خشيتم ضررا من كونه معكم في البيت، جاز لكم رفع الأمر – فيما يتعلق بتقصيره في النفقة الواجبة عليه - : إلى المحكمة الشرعية، ولو ترتب على ذلك تعريضه للعقوبة؛ لأنكم تطالبون بما هو حق لكم من النفقة أو دفع الضرر إن وجد.
وأما إن كان يوفر لكم النفقة، ولا يخشى عليكم منه ضرر حال سكره، فليس لكم شكواه؛ لما في ذلك من هتك ستره، وتعريضه للعقوبة، واحتمال القطيعة بينكم بينه.
ثانيا:
ليس من البر تمني موت الوالد وهو على هذه الحال، فإن تارك الصلاة كافر، ومدمن المخدرات فاسق شديد الفسق، ومن كان هذا حاله فهو على خطر عظيم، وهو في أمس الحاجة للدعاء له، والإحسان إليه، لعله يفيء إلى الله.
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله: " كثيراً ما أدعو على أبي في نفسي بأن يرد الله عليه بمثل معاملته لنا, أو أقول: حسبي الله ونعم الوكيل! فوالدي فظ غليظ, بخيل, سيئ المعاملة, فهل هذا من العقوق، وبماذا تنصحوننا؟
فأجاب: لا يجوز لك الدعاء عليه، ولكن تقولين: اللهم اهده، اللهم اكفنا شره، حسبنا الله ونعم الوكيل لا بأس، أما الدعاء عليه : لا، الله يقول -جل وعلا-: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) [الإسراء: 23-24]، وقال في الوالدين الكافرين: (وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا) [لقمان: 15] ، مع أنهما كافران يدعوانه إلى الشرك، والله يقول: (وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا) .
فالواجب عليكِ الدعاء له بالهداية والتوفيق ، وصلاح النية والعمل ، وأن الله يكفيك شره، تدعين له بأن الله يكفيكم شره، اللهم اكفنا شرَّ والدنا، اللهم اهده اللهم أصلح قلبه وعمله، اللهم اكفنا شره، وما أشبه ذلك" انتهى.
http://www.binbaz.org.sa/noor/670
والله أعلم.