الحمد لله.
من المستحب للمسلم الذي يواظب على قيام الليل، أن يقضيه إذا تركه بسبب عذر كالمرض وغلبة النوم ونحو هذا.
عن عَائِشَةَ، قَالَتْ: ( كَانَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى صَلَاةً أَحَبَّ أَنْ يُدَاوِمَ عَلَيْهَا، وَكَانَ إِذَا غَلَبَهُ نَوْمٌ أَوْ وَجَعٌ عَنْ قِيَامِ اللَّيْلِ صَلَّى مِنَ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً ) رواه مسلم (746).
وهذا الحديث يشير إلى أن عدد الركعات التي يقضيها بالنهار يستحب أن يكون بالمقدار الذي يواظب عليه بالليل ، ثم يزيد على الوتر ركعة أخرى ليكون شفعا.
فالنبي صلى الله عليه وسلم كانت عادته صلاة إحدى عشرة ركعة بالليل، فلذا كان يقضي اثنتي عشرة ركعة بالنهار.
عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: ( مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلاَ فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً: يُصَلِّي أَرْبَعًا، فَلاَ تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا، فَلاَ تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلاَثًا ) رواه البخاري (1147) ومسلم (738).
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:
" كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فاته ورده من الليل لمرض أو نوم صلى من النهار، تقول عائشة رضي الله عنها: ( صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة )؛ لأن ورده في الغالب إحدى عشرة ركعة، فإذا كان لم يفعل ذلك في الليل لمرض، أو نوم صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة، يعني جبره بواحدة، يعني زاد واحدة وصلى شفعا، يسلم من كل ثنتين عليه الصلاة والسلام، وإذا كانت عادة الإنسان خمسا صلى ستا في النهار، في الضحى أو بعد الظهر، لكن إذا صلاه في الضحى قبل الظهر يكون أولى وأفضل؛ لحديث عمر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من نام عن حزبه أو شيء منه، فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر، كتب له كأنما قرأه من الليل )، فإذا كان هذا حزبا من القرآن، فإن حزبه من الصلاة، وعدده من الصلاة، إذا صلاها قبل الظهر يكون أفضل، قياسا على حزبه من القرآن، وإن صلى ذلك بعد الظهر أدرك ذلك إن شاء الله. " انتهى، من "فتاوى نور على الدرب" (10 / 198).
كما يشرع أن يكون مقدار قراءة القرآن في هذه الركعات مثل ما اعتاد أن يقرأه بالليل، لعموم حديث عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ، أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ، فَقَرَأَهُ فِيمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الظُّهْرِ، كُتِبَ لَهُ كَأَنَّمَا قَرَأَهُ مِنَ اللَّيْلِ ) رواه مسلم (747) .
قال المباركفوري رحمه الله تعالى:
" قوله (من نام عن حزبه) بكسر الحاء المهملة وسكون الزاي وبالموحدة ، أي عن ورده ، يعني عن تمامه ...
قال العراقي: وهل المراد به صلاة الليل، أو قراءة القرآن في صلاة ،أو غير صلاة ؟
يحتمل كلا من الأمرين " انتهى، من "تحفة الأحوذي" (3 / 150).
فالحاصل؛ أن المسلم إذا كان عدد ركعات قيامه من الليل ومقدار القراءة فيه يستغرق ثلث الليل، فإنه يستحب له أن يكون القضاء بمثل هذا المقدار؛ إذا أمكنه ذلك ، وإلا ، فإنه يسدد ويقارب ، قدر طاقته ، وما يسمح له به ظرفه وشغله بالنهار .
والله أعلم.