الحمد لله.
أولا:
الأصل حرمة مال المسلم، فلا يجوز أخذ شيء منه إلا بطيب نفس منه؛ لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ... ) النساء/ 29، وقوله صلى الله عليه وسلم: (لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ) رواه أحمد (20172) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (1459).
لكن إن قصر الزوج في النفقة الواجبة، جاز أخذها من ماله دون علمه؛ لما روى البخاري (5364) ومسلم (1714) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ هِنْدَ بِنْتَ عُتْبَةَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ وَلَيْسَ يُعْطِينِي مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي إِلَّا مَا أَخَذْتُ مِنْهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ؟ فَقَالَ: (خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ).
قال الشوكاني رحمه الله: "والحديث فيه دليل على وجوب نفقة الزوجة على زوجه، وهو مجمع عليه ، وعلى وجوب نفقة الولد على الأب، وأنه يجوز لمن وجبت له النفقة شرعا على شخص : أن يأخذ من ماله ما يكفيه ، إذا لم يقع منه الامتثال ، وأصر على التمرد" انتهى من "نيل الأوطار" (6/ 383).
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (21/ 166): "في أي حالة يجوز للزوجة أن تأخذ من مال زوجها وممتلكاته، وإذا حدث ما كفارة ذلك؟ علما أن بعضا من الأموال والممتلكات موجودة.
الجواب: لا يجوز للمرأة أن تأخذ من مال زوجها شيئا إلا بإذنه ؛ إلا إذا كان يقصر في الإنفاق عليها، فإنه يجوز لها أن تأخذ ما يكفيها ، ويكفي أولادها بالمعروف، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لهند بنت عتبة ، لما شكت عليه تقصير زوجها أبي سفيان في الإنفاق عليها وعلى أولادها، فقال لها صلى الله عليه وسلم: (خذي من ماله ما يكفيك وولدك بالمعروف) .
وليس لذلك كفارة إذا كان الواقع هو ما ذكرنا .
أما إن كان الأخذ بغير تقصير منه ، فعليها أن ترد ما أخذت إلى ماله ، ولو بغير علمه، إذا كانت تخشى إذا أعلمته أن يتكدر أو يغضب عليها.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
بكر أبو زيد ... عبد العزيز آل الشيخ ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز" انتهى.
فالنفقة الواجبة ، من طعام وكسوة ومصاريف علاج وتعليم ونحوه : يجوز أخذها من الزوج المقصر فيها، دون علمه.
وأما تكاليف سفر الزوجة إلى أهلها فلا تدخل في ذلك، أي لا يجوز أخذها دون علم الزوج، لأن ذلك لا يدخل في النفقة الواجبة، فضلا عن تكاليف سفر محرمها.
ولا فرق في هذا بين كون الزوج غنيا أو فقيرا.
وعليه :
فإذا أردت دفع تكاليف سفر محرمك فليكن من مالك الخاص ، إن كان لك مال ، أو من مال زوجك ، إذا أذن هو بذلك .
ثانيا:
لا يجوز للمرأة أن تخرج من بيت زوجها إلا بإذنه ، ولو كان ذلك لزيارة والديها في نفس المدينة.
ومما يدل على اشتراط إذن الزوج في الخروج حتى لزيارة الأهل: ما جاء في الصحيحين أن عائشة رضي الله عنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: (أتأذن لي أن آتي أبوي) رواه البخاري (4141) ومسلم (2770).
فإن خرجت المرأة دون إذن زوجها، كان ناشزا عاصية لربها ولزوجها.
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم (87834).
والله أعلم.