الحمد لله.
أولا:
صاحب السلس وانفلات الريح له حالان :
الأولى : أن يكون للريح أو البول وقت ينقطع فيه ، وهذا الوقت يكفي للوضوء والصلاة ، فيجب عليه الانتظار إلى هذا الوقت ، ويستنجي ويتوضأ ويصلي .
ولا يجوز له أن يصلي قبل انقطاعه ، لأنه بذلك يصلي بطهارة ناقصة من غير ضرورة إلى ذلك.
الحالة الثانية : أن لا يكون للريح أو البول وقت ينقطع فيه ، بل يتوقع خروجه في أي وقت ، فهذا يتحفظ من البول بمنديل أو قطعة قماش حتى لا تنتشر النجاسة ، ويتوضأ للصلاة بعد دخول وقتها ويصلي ، ولا يضره لو خرج شيء بعد الوضوء ولو كان ذلك في الصلاة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
" فمن لم يمكنه حفظ الطهارة مقدار الصلاة ، فإنه يتوضأ ويصلي ولا يضره ما خرج منه في الصلاة، ولا ينتقض وضوؤه بذلك باتفاق الأئمة، وأكثر ما عليه أن يتوضأ لكل صلاة "
انتهى من "مجموع الفتاوى" (21 / 221).
وينظر السؤال رقم : (39494) ، (244009) .
ولا يجوز له في هذه الحالة أن يتوضأ قبل دخول وقت الصلاة ، إلا أن العلماء رخصوا له في صلاة الجمعة أن يتوضأ لها قبل دخول الوقت بزمن يسير ، وذلك حتى يتمكن من استماع الخطبة .
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء : رجل مصاب بسلس في البول ، يطهر بعد التبول لفترة . لو انتظر انتهاء السلس لانتهت الجماعة ، ماذا يكون الحكم ؟
فأجابت : "إذا عرف أن السلس ينتهي فلا يجوز له أن يصلي وهو معه طلبا لفضل الجماعة. وإنما عليه أن ينتظر حتى ينتهي ، ويستنجي بعده ، ويتوضأ ويصلي صلاته ولو فاتته الجماعة.
وعليه أن يبادر بالاستنجاء والوضوء بعد دخول الوقت ، رجاء أن يتمكن من صلاة الجماعة " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (5/408) .
وجاء فيها أيضا (5/ 452-453) :
" إذا كان حالك ما ذكر وأن الغازات مستمرة معك ، فعليك الوضوء لكل صلاة بعد دخول الوقت، ولا يضرك ما يخرج منك بعد ذلك .
وأما الجمعة فتتوضأ لها قبل دخول الخطيب ، في الوقت الذي يمكنك من سماع الخطبة وأداء الصلاة " انتهى .
فما دمت تعلم أن خروج البول ليس مستمرا ، فإنك تنتظر حتى ينقطع ثم تتوضأ وتصلي .
فعلى هذا ؛ ينبغي أن تستعد للصلاة قبل دخول وقتها بنحو ساعة ، فتدخل الخلاء وتتحفظ من البول ، ثم إذا دخل وقت الصلاة وانقطع البول فإنك تستنجي وتصلي .
أما يوم الجمعة فلا حرج عليك أن تتوضأ قبل دخول وقتها بزمن يسير ثم تخرج إلى الصلاة حتى تستمع إلى الخطبة – كما سبق- .
ثانيا :
يجوز لصاحب السلس أن يجمع بين صلاتي الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء ، تخفيفا عنه ، ودفعا لمشقة الوضوء والتحفظ لكل صلاة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
" وكل ما عجز عنه العبد من واجبات الصلاة سقط عنه؛ فليس له أن يؤخر الصلاة عن وقتها؛ بل يصلي في الوقت بحسب الإمكان .
لكن يجوز له عند أكثر العلماء أن يجمع بين الصلاتين لعذر؛ حتى إنه يجوز الجمع للمريض والمستحاضة وأصحاب الأعذار، في أظهر قولي العلماء" .
انتهى من "مجموع الفتاوى" (21 / 223).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
" من به سلس البول ، ويشق عليه الصلاة في كل وقت : له أن يجمع ، كالمستحاضة تماماً .
ثم إن عندنا قاعدة : متى لحق الإنسان مشقة في ترك الجمع : جاز الجمع " .
انتهى من" تعليقات ابن عثيمين على الكافي" (2 / 159 ترقيم الشاملة).
تنبيه : غسل الجمعة لا يغني عن الوضوء ، فإذا لم تكن توضأت مع الاغتسال فلا تجوز الصلاة بهذا الغسل ، وقد سبق بيان هذا في السؤال رقم : (99543) .
والله أعلم .