هل يتعارض العلم التجريبي مع الإيمان؟

05-10-2023

السؤال 285380

أتمنى أن تساعدوني وتعطوني حل، أنا في وضع خطير جدا، أنني كلما أتقدم في العلم الحديث يضعف إيماني؛ لأنني ألاحظ أن العلم لا ينطبق مع قوانين الإسلام؛ مثل: الموسيقى، فالإسلام حرم الموسيقى بكل أنواعها، ولكن الموسيقى في العلم لها فوائد عديدة، و ويرشدون لكثرة سماع الموسيقى بسبب فوائدها الكثيرة، وكذلك النقاب للمرأه النقاب، في الإسلام واجب، ولكن العلم أثبت أن ارتداء النقاب يؤدي إلى نقص فيتامين د؛ لعدم تعرضها للشمس.

الجواب

الحمد لله.

أولًا:

إنَّ الإسلام لا يمكن أن يكون عائقًا في سبيل تطوُّر العلم النَّافع للنَّاس، بل على العكس قد حثَّ الإسلام على ذلك وشجَّع عليه، وجعل نيَّة نفع النَّاس من النِّيَّات الحسنة الَّتي يُؤْجَرُ عليها الإنسانُ أجرًا عظيمًا، بل جعل الإسلام بعض هذه المبادرات من الفروض الواجبة الَّتي لا يجوز أن تهملها الأمَّة تمامًا، واعتبر أنَّ كل ما فيه عزُّ الإسلام وقوَّته ونفع المسلمين: مطلوبًا كفائيا من الأمة، يحثُّهم عليه، ويندبهم إليه.

من جهة أخرى مما تقرر في الأدبيات الإسلامية من قديم: أنَّ التَّعارض بين الإسلام والعلم مستحيل؛ لأنَّ العلم التَّجريبيَّ مصدر من مصادر المعرفة الصَّحيحة الْمُعْتَبَرَةِ، وكذلك الوحي مصدر من مصادر المعرفة الصَّحيحة الْمُعْتَبَرَةِ، وكلاهما من عند الله، من وحيه أو كلامه، أو خلقه وتعليمه.
وما كان من عند الله؛ فإنه لا يعارض بعضه بعضا، فالدَّليل الصَّحيح، سواء كان علميًّا أو دينيًّا أو حتَّى عقليًّا - هو حقٌّ، والحقُّ لا يتعارض مع نفسه بأيِّ حال من الأحوال...

ثانيًا:

كلُّ معرفة صحيحة جاءت إلينا من مصدر معتبر: لا يمكن أن تتعارض من نفس الجهة، مع معرفة صحيحة أخرى من مصدر معتبر؛ لأنَّ الحقَّ لا يتعارض مع نفسه.

والتَّعارض في ذلك إنما يكون متوهَّمًا، وراجعًا إلى فهم الإنسان للأدلَّة ومقتضياتها، وما تستلزمه من المعارف، أو راجعًا إلى صحَّة الدَّليل الشرعي، وثبوته من حيث الأصل.

فليس كلُّ نصٍّ منسوب للوحي يكون صحيحًا، وليس كلُّ تقرير علميٍّ يكون ثابتًا، وليس كلُّ استنباط عقلي يكون مستقيمًا، بل يحصل الكذب في الأخبار والنُّصوص، وقد وقع ذلك، كما يجوز الخطأ في التَّجارب، والخلل في التَّفكير، وقد وقع ذلك أيضا، وذلك ممَّا لا يشكِّك فيه عاقل، وهذا يحملنا على معالجة موضع الخلل، وليس جحد الدَّليل الصَّحيح.

وحينئذ يقال:

إن الأدلَّة، أيًّا كان نوعها: هي على أربعة أقسام:

الأوَّل: قطعيٌّ في ثبوته، قطعيٌّ في دلالته.

الثَّاني: ظنِّيٌّ في ثبوته، ظنِّيٌّ في دلالته.

الثَّالث: قطعيٌّ في ثبوته، ظنِّيٌّ في دلالته.

الرَّابع: قطعيٌّ في دلالته، ظنِّيٌّ في ثبوته.

- فالدَّليل القطعيُّ في ثبوته: هو الَّذي ورد إلينا بطريق لا تقبل الشَّكَّ، فهو ثابت قطعًا ويقينًا، كنصوص القرآن الكريم؛ فالقرآن ثابت بنقل العامة عن العامة، تواترا، بل أعلى من مجرد النقل المتواتر، عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فلا يمكن أن يشكِّكَ أحد في ثبوته عنه؛ لأنَّه قد نقله عنه من النَّاس، على مدار القرون، وفي طبقات تاريخ الأمة كله: من يستحيل تواطؤهم وتعاونهم على نفس الكذبة؛ لكثرة عددهم، وتباعد أمصارهم، وغيرها من القرائن الَّتي تحيل أن يكون هذا القرآن غير ثابت عن النَّبيِّ؛ كله، أو شيء منه.


وكالجاذبيَّة الأرضيَّة مثلًا فهي ثابتة بالمشاهدة الحسِّيَّة اليقينيَّة لكلِّ إنسان، كما صيغت قوانينها وتطبيقاتها على هيئة رياضيَّة وتطبيقيَّة، فلا شكَّ في ثبوتها.

- أمَّا الدَّليل قطعيُّ الدَّلالة؛ فهو الَّذي لا يمكن تفسيره إلَّا بمعنى واحد، ولا يحتمل الظَّنَّ ولا التَّأويل، ومثاله في نصوص الشَّرع: قوله تعالى في كفَّارة اليمين: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ المائدة/89.

فهذا النَّصُّ دليل قاطع على أنَّ كفَّارة اليمين لمن لم يستطع الإطعام أو كسوة الفقير أو عتق رقبة - هي صيام ثلاثة أيَّام، ولا يجوز أن يأتي أحد فيقول: إنَّ صيام يوم واحد يكفي، كما لا يجوز أيضًا أن يقول أحد أنَّه لا يجزئ إلَّا خمسة أيام وليس ثلاثة.

ومثاله أيضا: ما ثبت بالتجربة والمشاهدة، وأقره العلم التجريبي: من تأثير الأسباب في مسبباتها، وأن في طبائع الأشياء من القوى المودعة فيها بخلق الله، ما يؤثر في غيره، كإحراق النار، وتبريد الثلج، ونحو ذلك. فمتى نفى أحد التأثير المشاهد لذلك، أو دفع الباب من أصله، ونسب ذلك إلى الشرع؛ كان مخطئا في دعواه، ورد كلامه عليه.

-أمَّا الدَّليل الظَّنِّيُّ في ثبوته، فككثير من السُّنَّة النبوية التي هي من نوع الآحاد، فما ثبت منها بطريق التَّواتر قليل، وكبعض الأدلَّة الحفريَّة الَّتي يستدلُّ بها على نظريَّة التَّطوُّر، ولذلك طرأ التَّزوير على بعض هذه الحفريَّات كما هو مشهور.

ومن ذلك الجانب الظني أيضًا: ما يحدِّثنا به بعض الكاتبين أو المناظرين، من أنَّ العلم قرَّر نظريَّة ما، أو أجرى مركز بحثي تجربة معيَّنة، فنسأله عن مصدر قوله، فيعطينا في أحسن الأحوال رابطًا لمجلَّة علميَّة، أو موقع مشهور، وهذا، في أحسن أحواله: لن ينفي احتمال كذب الموقع والمجلَّة بتوجيه من سلطة ما، إدارية، مالية ... أو كذب المحرر بمفرده، أو كذب المركز البحثيِّ في إقامة التَّجربة أو نتائجها، أو تلاعب بعض الباحثين في التَّجربة ومسارها إلخ، إلخ، من الافتراضات الَّتي تبقي مساحة جائزة من التَّشكيك في ثبوت المعلومة أو التَّجربة.

- وأمَّا الدَّليل الظَّنِّيُّ في دلالته؛ فمن أشهر الأمثلة على ذلك قوله تعالى في عدَّة المرأة المطلَّقة: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ البقرة/228.

فهل يُرَادُ بالقرء الحيضُ أم يُرَادُ به الطُّهر؟ كلاهما صحيح في اللُّغة، ولذلك اختلف العلماء في تفسير المراد.


ومن ذلك الباب فيما يتعلَّق بالعلم التَّجريبيِّ الاستدلال بالتَّشابهات على نظريَّة التَّطوُّر - وعامَّة أدلَّة التَّطوريِّين ترجع للاستدلال بالتَّشابهات - كالاستدلال بالتَّشابهات التَّشريحيَّة، والشَّكليَّة، والجينيَّة، فيما بين الكائنات الحيَّة وبعضها، أو فيما بين الحفريَّات، والكائنات الحيَّة.

فكلُّ ذلك يدلُّ على احتمال أنَّهم منحدرون فعلًا من أصول مشتركة، ولكنَّه احتمال ظنِّيٌّ.

وهو بالمناسبة ضعيف جدًّا؛ فليس هناك تلازم منطقيّ بين تشابه الشَّيئين، وانحدارهما من أصل مشترك...

والسُّلوك الصَّحيح إذا ورد دليلان صحيحان على مسألة معيَّنة، توهمنا تعارضهما: أن نجتهد في الجمع بينهما قدر الإمكان، فإن تعذَّر ذلك الجمع فإنَّنا نقدِّم الدَّليل القطعيَّ من حيث ثبوته ودلالته، على الدَّليل الظَّنِّيِّ، سواء كان الدَّليل نقليًّا أو عقليًّا أو علميًّا، وذلك ما يفعله العلماء والمتخصِّصون، ولا يجوز أن يخوض فيه غير المؤهَّلين، وخصوصًا فيما يتعلَّق بالنُّصوص الشَّرعيَّة.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله:

" الأدلة هي في نفسها على صفاتٍ تُفيدُ العلمَ باتفاقِ الناس ...

وإذا كانت الأدلةُ هي في نفسها على صفاتٍ تقتضي ذلك؛ فإن ذلك يختلف أيضًا باختلافِ قُوى الإدراك، وباختلاف كمالِ النظر، فالحادُّ الذهنِ، الصبورُ على استيفاءِ النظرِ: يَحصُلُ له من العلم، والظنّ، بأنواع من الأدلة والأمارات: ما لا يحصلُ لمن لم يَقْوَ قُوَّتَه، ولم يَصبِرْ صَبْرَهُ.

وما لم يكن قطعيًّا بل دلالتُه ظاهرة، ليس للإنسان أن يصرفَه عن ظاهرِه؛ إلّا مع وجود المقتضِي لذلك، السالم عن المعارضِ المقاوِم.

فالمقتضي: مُثل قيامِ دليلٍ يبيِّن لنا مرادَ المتكلم من الأدلة الشرعية ونحوها، كالعامّ الذي بَيَّنَ معناه الخاص.

وكذلك لو فرضنا وجودَ دليل عقليّ قطعيّ، يُعارِض ظاهر الأدلة الشرعية التي ليست قطعية: لوجبَ تقديم القطعي على الظنّي، ولجزمْنا بأن الرسول لم يُرِد بكلامه ما يَعلَمُ مثلُنا وأمثالُنا انتفاءَه، وعقولُنا أقلُّ من أن يقال: هي دون عقلِه.

بل لو حكى أحدٌ مسألةً في الطب أو النحو مما يُعلَم أن أبقراط وسيبويه لا يقولانها لبادرنا إلى التكذيب، مثل أن يحكي حاكٍ عن أبقراط أنه قال: طبائع الأجسام الأرضية خمسة، والبلغم أحسن من المِرَّة الصفراء، أو الدم أيبَسُ منها، أو هي أبردُ من المرة السوداء، فإنا نعلم أن أبقراط ونحوه لا يقولون هذا، فإما أن الناقلَ قد كذبَ عمدًا أو خطأً، أو يكون للعبارة معنًى غير الظاهر الباطل الذي لا يقوله ذلك الفاضل.

وكذلك لو نقل عن سيبويه أن الفاعل منصوبٌ، والمصدر مجرور، وخبر كان مرفوع، وخبر المبتدأ مجرور، ونحو هذا، لعلمنا أن هذا كذِبٌ على سيبويه عمدًا أو خطأً، أو يكون للعبارة معنًى يليق به أن يقوله. وكذلك لو نقلَ عن الأئمة أمورًا تنافي ما علمناه من أحوالهم علمنا أنه مكذوبٌ أو مصروفٌ.

فمن نقلَ عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال عن ربه: إنه خلَق نفسَه من عَرقِ الخيل، أو أن النبي صلى الله عليه وسلم كان موجودًا بعينه نبيًّا قبلَ أن يُنبِّئَه الله، أو أن يُعطى من دعا بهذا الدعاء مِثلَ ثواب الأنبياء، ونحو ذلك = علمنا أنه يكذِبُ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم.

والكذبُ عليه كثير، قد صنَّف العلماء في بيان الأحاديث الموضوعة مصنَّفاتٍ، وميَّزوا الصدقَ من الكذب تمييزًا معلومًا عن أهلِه.

ولكن هل في القرآن أو الأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ما ظاهره ممتنع في العقل، ولم يتبيَّنْ ذلك بالأدلة الشرعية؟ هذا لا يُعلَم أنه واقعٌ أصلًا. فمن قال: إن هذا واقعٌ؛ فليذكُرْه.

فإنّا رأينا الذي يُدَّعّى فيه ذلك: إمّا أن يكون الحديث فيه موضوعًا، أو الدلالة فيه ليست ظاهرةً، أو أن ظاهرها الذي لم يُرَدْ قد بُيِّنَ بأدلة الشرع انتفاؤه.

فإذا كان النصُّ ثابتًا، والدلالةُ ظاهرةً وليس في بيانِ الله ورسولِه ودلالِته ما يُبيِّنُ انتفاءها ومرادَه بها، فإنا وجدنا ما يذكرونه من المعقول [المعارض] له؛ هو في نفسه معارَضٌ بمعقولٍ أقوى منه، ووجدناه من المجهول لا من المعقول، بل وجدنا المعقول الصريح يدلُّ على بطلان المعارض للمنقول الصحيح. وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ [الأحزاب/ 4]." انتهى، من "جواب الاعتراضات على الفتيا الحموية" (54-56).

ثالثًا:

المسائل التي تفضلت بذكرها اثنتان، فهيا بنا نعرضهما على التأصيل السابق ذكره:

المسألة الأولى: موقف الإسلام من الموسيقى.

لقد اتفق الأئمة الأربعة على حرمة الموسيقى، وحكي إجماعًا، وقد استدلوا بأدلة عدة نكتفي منها بالحديث الذي أخرجه البخاري(5590): "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير، والخمر والمعازف."
وقد أشكل هذا عليك؛ لأن العلم بحسب ما ذكرت يتكلم عن فوائد الموسيقى، ونقاش هذا من وجهين:

الأول: تحريم الشيء لا يلزم منه أنه بغير فوائد، فالله سبحانه حرم الخمر وذكر أن فيه منافع للناس، وكذلك الميسر، والله سبحانه حرم الخنزير، وفي لحمه كل فوائد اللحوم المعروفة، فهل هذا التحريم ينفي هذه الفوائد؟ وهل يقال إن تحريم الخنزير يتعارض مع العلم، لأن العلم يثبت ما في الخنزير من فوائد الدهون والبروتينات والأحماض الأمينية؟

الجواب: لا تعارض هنا. لأن العلم يثبت فوائد لا ينفيها الإسلام، لكن الإسلام حرم الخنزير لأجل وجود أضرار أخرى، هذه الأضرار يعلم اللطيف الخبير خالق الكون أنها أعظم من فوائده.

والموسيقى إن وجدت فيها فوائد فهي أقل من ضررها، ويتعلق ضررها بأنها تصد عن ذكر الله، وتقوم من روح الإنسان مقام الغذاء قليل الفائدة، والذي يملأ روحه، فيعوقه عن الإقبال على الطعام عالي القيمة، وهو الوحي.

وقد كان هذا المعنى في الموسيقى ظاهرًا عند علماء الإسلام، فيقول شيخ الإسلام ابن تيمية:

"وقيل السماع لطف، غذاء الأرواح لأهل المعرفة؟

وهذا القول لم يُسمَّ قائله؛ ولا ريب أن السماع فيه غذاء، وقد قيل إنما سمى الغناء غناء، لأنه يغني النفس.

لكن الأغذية والمطاعم: منها طيب، ومنها خبيث. وليس كل ما استلذه الإنسان لحسنه يكون طيبا؛ فإن أكل الخنزير يستلذه آكله، وشارب الخمر يستلذها شاربها..

فأما السماع الشرعي [سماع الوحي]: فإنه غذاء طيب لأهل المعرفة، كما أخبر الله بذلك في قوله:(وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق)" انتهى من "الاستقامة" (1/407-408).

وحينئذ، نقول: إنه، وإن ثبت أن في الموسيقى فوائد؛ فإن ضررها على الإنسان، ونفسه، ودينه: أعظم من منفعتها؛ إذا سلمنا أن فيها منفعة؛ فحينئذ، نقدم منعها، لأجل ضررها الزائد، وما يقدر فيها من منفعة؛ فإما أن الناس لا يحتاجون إليها. أو أنهم يحتاجون إليها، ويمكنهم تحصيلها بطريق شرعية سواها.

الوجه الثاني من وجوه نقاش ما تفضلت به حول الموسيقى: هو أن الأبحاث العلمية في فوائد الموسيقى هي أبحاث ظنية، لا ترقى لمرتبة العلم التجريبي القطعي، فلا يمكن أن تعارض حكمًا قطعيًا حكي فيه الإجماع، خاصة مع عدم وجود المعارضة كما أسلفنا في الوجه السابق.

المسألة الثانية: مسألة علاقة النقاب بفيتامين (د).

وهذه المسألة أيضًا لا أساس لها أخي الكريم، فإن الإشكال على الحقيقة ليس في النقاب، وإنما في عدم التعرض للشمس، والمنتقبة مثلها مثل غير المنتقبة، مثلهما مثل الرجل، كل أولئك يمكن أن يتعرضوا لفيتامين دال من خلال أشعة الشمس لوقت يسير خلال اليوم(10-15 دقيقة فقط)، تدخل لهم من النافذة أو نحو ذلك.

فالمرأة المنتقبة لا تبقى بنقابها طوال اليوم، ولا ترتدي نقابها في منزلها، وإذا فكرنا بنفس طريقتك فلعلك تعلم الأبحاث الكثيرة في مخاطر التعرض للشمس بغير كريمات الوقاية من الشمس، فهل نقول إن التعرض للشمس يتعارض مع العلم؟

بل إن واقي الشمس نفسه يعوق امتصاص فيتامين دال، فهل نقول إنه حرام، أو نقول إن العلم ناقض نفسه حين يوصي بالتعرض للشمس، ويوصي باستعمال واقي الشمس؟

الجواب: لا؛ فببساطة يمكن للإنسان أن يتعرض للشمس الوقت اليسير اللازم، ثم يستعمل واقي الشمس في الفترات الطويلة التي يتعرض فيها للشمس خلال اليوم.

إن المطلوب هو التعرض للشمس مع الوقاية من ضررها وإصابة منافعها كفيتامين دال، وهذه الحالة لا يعوق عنها النقاب، ولا زالت النساء عبر تاريخ الإسلام يتعرضن للشمس في بيوتهن، ويستترن إذا خرجن من بيوتهن، فيجمعن بين الفائدة الصحية العلمية وبين الاستجابة لأمر الله لهن بالاستتار عن غير محارمهن.

وبهذا يظهر أنه لا يوجد تعارض حقيقي بين العلم ومحكمات الإسلام في هذه المسائل، بل التعارض هنا هو بين محكمات الإسلام، وبين فهم غير دقيق للمسألة العلمية.

والله أعلم.

عرض في موقع إسلام سؤال وجواب