الحمد لله.
أولا:
لا يجوز العمل في مجال الموسيقى؛ للأدلة الدالة على تحريم المعازف، أداء واستماعا.
وينظر: جواب السؤال رقم : (5000) .
وقال ابن عابدين رحمه الله : " من السحت ما يأخذه أصحاب المعازف ، ومنها – كما في " المجتبى " ما تأخذه المغنية على الغناء " انتهى من " رد المحتار على الدر المختار " (6/424).
وقال أبو الحسن المالكي رحمه الله في بيان أركان الإجارة: " الثالث : المنفعة ، وشرطها أن تكون مباحة؛ احترازا من الغناء وآلات الطرب" انتهى من "كفاية الطالب الرباني مع حاشية العدوي" (2/ 190).
وقال النووي رحمه الله: " أجمعوا على تحريم أجرة المغنية للغناء " انتهى من " شرح مسلم " (10/231).
وقال ابن قدامة رحمه الله: " القسم الثاني، ما منفعته محرمة، كالزنى والزمر والنوح والغناء، فلا يجوز الاستئجار لفعله.
وبه قال مالك، والشافعي، وأبو حنيفة، وصاحباه، وأبو ثور " انتهى من "المغني" (5/ 407).
وعليه ؛ فالراتب الذي يأخذه الإنسان على الغناء أو استعمال آلات المعازف: محرم.
ومثله : حقوق الملكية الفكرية لذلك ، إذا باعها على غيره .
ثانيا:
اختلف أهل العلم في إرث المال الذي حرم لكسبه ، فمنهم من منعه ، لأنه يحرم على صاحبه فلا ينتقل لورثته.
ومنهم من أجازه؛ لأن المحرم لكسبه حرام على كاسبه فقط ، دون من انتقل إليه بوجه مباح ، كالهبة أو الإرث. وهذا هو الراجح .
قال محمد عليش المالكي رحمه الله: " واختلف في المال المكتسب من حرام، كربا ومعاملة فاسدة، إذا مات مكتسبه عنه : فهل يحل للوارث؟ وهو المعتمد ، أم لا؟
وأما عين الحرام ، المعلوم مستحقه ، كالمسروق والمغصوب: فلا يحل له ".
انتهى من " منح الجليل شرح مختصر خليل " (2/ 416).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في أموال المرابي: " أما بالنسبة لأولاده فلا حرج عليهم أن يأكلوا منه في حياة أبيهم، ويجيبوا دعوته؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أجاب دعوة اليهود مع أنهم يأكلون الربا.
وأما إذا ورثوه من بعده : فهو لهم حلال؛ لأنهم ورثوه بطريقة شرعية، وإن كان هو حراماً عليه، لكن هم كسبوه بطريق شرعي بالإرث .
وإن تبرعوا وتصدقوا به عن أبيهم : فلعل الله سبحانه وتعالى أن يجعل هذه الصدقة ، تمحو ما قبلها من السيئات " انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (181/ 19).
وقال رحمه الله: " قال بعض العلماء : ما كان محرما لكسبه ، فإنما إثمه على الكاسب ، لا على من أخذه بطريق مباح من الكاسب ، بخلاف ما كان محرما لعينه ، كالخمر والمغصوب ونحوهما .
وهذا القول وجيه قوي ، بدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم اشتري من يهودي طعاما لأهله ، وأكل من الشاة التي أهدتها له اليهودية بخيبر ، وأجاب دعوة اليهودي ، ومن المعلوم أن اليهود معظمهم يأخذون الربا ويأكلون السحت .
وربما يقوي هذا القول قوله صلى الله عليه وسلم في اللحم الذي تصدق به على بريرة : ( هو لها صدقة ، ولنا منها هدية ) " انتهى من " القول المفيد على كتاب التوحيد "(3 / 112).
وعلى هذا ؛ فلورثة هذا المتوفى أن ينتفعوا بما تركه أبوهم من راتب هذا العمل، ومما يأتيهم من الديوان بسببه، إذا كان بيع هذه الحقوق سابقا على وفاة والدهم ، ولم يبيعوها هم .
ولهم أن يتصدقوا به على أبيهم.
وليس لهم أن يدخلوا في تعاقدات جديدة ، يسمحون فيها بنشر أعماله الموسيقية ، أو ينتفعون فيها بحقوق ملكيتها .
ويجب عليهم – إن استطاعوا - أن يوقفوا نشر أي شيء من مؤلفاته أو مقاطعه الموسيقية، وأن يسحبوا تسجيلها من الديوان ، برًّا بأبيهم، وإيقافا للعمل المحرم وما يأتي من مال لأجله.
والله أعلم.