الحمد لله.
أولا:
يجوز للزوجة أن تتنازل عن حقها في القسم والمبيت، كما تنازلت سودة بنت زمعة رضي الله عنها عن ليلتها لعائشة رضي الله عنها.
قال ابن قدامة رحمه الله: "ويجوز للمرأة أن تهب حقها من القسم لزوجها، أو لبعض ضرائرها، أو لهن جميعا، ولا يجوز إلا برضى الزوج؛ لأن حقه في الاستمتاع بها لا يسقط إلا برضاه" انتهى من "المغني" (7/ 311).
فإن تنازلت، ثم عادت فطالب بحقها، فهل لها ذلك؟
في ذلك خلاف بين الفقهاء، والجمهور على أن لها الرجوع والمطالبة؛ لأن حقها في المبيت يتجدد شيئاً فشيئاً، فلها المطالبة بما سيأتي من المبيت.
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا حق لها في الرجوع.
قال ابن القيم رحمه الله :
" الرجل إذا قضى وطرا من امرأته، وكرهتها نفسه، أو عجز عن حقوقها، فله أن يطلقها، وله أن يخيرها: إن شاءت أقامت عنده، ولا حق لها في القسم والوطء والنفقة، أو في بعض ذلك بحسب ما يصطلحان عليه، فإذا رضيت بذلك، لزم، وليس لها المطالبة به بعد الرضى.
هذا موجب السنة ومقتضاها ، وهو الصواب الذي لا يسوغ غيره.
وقول من قال : إن حقها يتجدد فلها الرجوع في ذلك متى شاءت : فاسد ؛ فإن هذا خرج مخرج المعاوضة ، وقد سماه الله تعالى صلحاً ، فيلزم ، كما يلزم ما صالح عليه من الحقوق والأموال ، ولو مُكنت من طلب حقها بعد ذلك : لكان فيه تأخير الضرر إلى
أكمل حالتيه ، ولم يكن صلحا ، بل كان من أقرب أسباب المعاداة ، والشريعة منزهة عن ذلك ، ومن علامات المنافق أنه إذا وعد أخلف ، وإذا عاهد غدر ، والقضاء النبوي يرد هذا " انتهى من "زاد المعاد" (5/139).
وعلى هذا القول :
فليس لزوجتك الأولى المطالبة بالقسم ، فإن أصرت على ذلك، فلك طلاقها، أو تخييرها بين الطلاق ، وبين ليلة من ثلاث ليالٍ .
ثانيا:
الأصل وجوب الوفاء بالشروط التي في النكاح ، إذا لم تخالف الشرع.
والزوجة الثانية إن قبلت الزواج بناء على أنك ستعطيها من حياتك 70% فالواجب أن تفي لها بذلك ، وليس في هذا ظلم للأولى لأنها تنازلت عن حقها راضية .
فإن لم تف للزوجة الثانية بما وعدتها به ، فلها الفسخ.
وينظر: جواب السؤال رقم : (242289) ، ورقم : (254084) .
وليس لك العدل في القسم؛ لما في ذلك من ظلم الثانية والإخلال بما شرطت على نفسك لها.
والذي نراه لك أن تحاول استصلاح زوجتيك ، واسترضاءهما ، والوصول إلى وضع يلتئم به العيش بينكم ، وتجمع بينهما في عصمتك .
والله أعلم.