الحمد لله.
أولا:
ثبت أن النبي صلى الله عليه كان يوتر بثلاث متصلة ، ومنفصلة.
فلا يصح قول القائل: إنه لو صلى ثلاثا منفصلة كان وتره بركعة واحدة.
روى أحمد (24539 ) عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في الحجرة وأنا في البيت ، فيفصل بين الشفع والوتر بتسليم يسمعناه وصححه محققو المسند.
ورواه ابن حبان من حديث ابن عمر (2434) وصححه شعيب الأرنؤوط.
وروى البخاري (991) أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ: " كَانَ يُسَلِّمُ بَيْنَ الرَّكْعَةِ وَالرَّكْعَتَيْنِ فِي الوِتْرِ حَتَّى يَأْمُرَ بِبَعْضِ حَاجَتِهِ ".
فهذه ثلاثة مفصولة ، وقد سماها وترا.
وجماهير العلماء على أن الوتر بثلاث له صفتان : أن يسردها سردا، أو يسلم بعد ركعتين.
قال ابن قدامة: "الذي يختاره أبو عبد الله [يعني : الإمام أحمد] أن يفصل ركعة الوتر بما قبلها. وقال: إن أوتر بثلاث لم يسلم فيهن، لم يضيق عليه عندي. وقال : يعجبني أن يسلم في الركعتين، وممن كان يسلم بين الركعتين والركعة: ابن عمر حتى يأمر ببعض حاجته، وهو مذهب معاذ القارئ، ومالك ، والشافعي، وإسحاق" انتهى من "المغني"(2/ 115).
ثانيا:
ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوتر بثلاث قرأ: سبح والكافرون والإخلاص، وهذا يشمل ما لو أوتر بثلاث متصلة أو منفصلة.
روى أحمد (2715) والترمذي (462) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُوتِرُ بِثَلَاثٍ : بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ، وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ، وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .
وروى النسائي (1730) ، وابن ماجه (1171) عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنهما قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوتِرُ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ، وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ، وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" .
قال ابن المنذر رحمه الله : "وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُوتِرَ بِثَلَاثٍ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، قَرَأَ فِي الْأُولَى مِنْهَا بِـ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَفِي الثَّانِيَةِ بِـ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، ثُمَّ يُسَلِّمُ، وَيَأْتِي بِالرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ، وَيَقْرَأُ فِيهَا قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ" انتهى من "الأوسط" (5/ 187).
وزيادة المعوذتين جاءت في حديث عائشة عند الترمذي (463) وهو مختلف في صحته، وقد صححه الحاكم ووافقه الذهبي ، وحسنه الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .
وضعفه الإمام أحمد ويحيى بن معين والعقيلي والشوكاني وغيرهم.
والله أعلم.