علمت أن هناك لباس يُلبس عند الصلاة يسمى اشتمال الصَّمَّاء؛ لأن ليس له مخرج لليدين ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن لبسه ، وحكمه مكروه ، وعلمت من الشيخ ابن عثيمين سببين لهذا النهي. أحدهما : حتى لا ينكشف شيء من الجسد عند رفع اليدين عند الركوع والرفع منه ، والآخر حتى يستطيع دفع الأذى عن نفسه. فالسؤال: إذا كانت المرأة تلبس الصماء فوق ملابس البيت فإذا سجدت لن ينكشف شيء من الجسد بل ستظهر ملابس البيت ، إذن انتفى السبب الأول ، والسبب الثاني نادر الحدوث خصوصا في البيوت ، فحينئذ هل يزول حكم النهي والكراهة ؟ وإحدى الأخوات ذكرت سببا آخر للكراهة كما فهمتْ من الشيخ أن المصلي بالصماء لا يستطيع وضع يده على الأرض مباشرة؛ لأن هذا (الصماء) سيكون حائلا ما بين كف اليد وما بين الأرض بلا حاجة، فلذلك هو مكروه ، فهل هذا الكلام صحيح ؟ وإذا كان صحيحاً، أوليس الصماء كله سيكون حائلا لأعضاء السجود كلها، وليس فقط الكفين، فكيف يكون ذلك؟. وأيضاً المرأة إذا صلت وعندها رجال أجانب فإنها تلبس الحجاب ، والحجاب ليس مثل الصماء، لكن من الحجاب تغطية الكفين ، بلبس الجونتي مثلاً، فيكون الجونتي حائلاً أيضاً؟ أم أن الحكم هنا يختلف لوجود علة؟ سؤال آخر: منتشر عند النساء شرشف الصلاة وهو قطعة قماش كبيرة ، ليست مغلقة ، وليس بها أكمام. فتلبس المصلية هذا الشرشف بلفه على الرأس كما تُلف (الطَّرْحَة) على رأس المرأة ، فيكون الشرشف ملفوفا على الجسم كله ، لكنه مفتوح من الرقبة إلى القدمين، فتستطيع المرأة إخراج يديها ، وهو خاص بالصلاة فقط ، يعني يُلبس فوق ملابس البيت. فما حكم لبس هذا الشرشف في حال لم تُخرج المرأة يديها، يعني ترفع يديها مع الشرشف من غير إخراجها عنه ؛ من أجل تغطية الكفين ؟ وهل يشمله النهي عن اشتمال الصماء؟
الحمد لله.
أولا:
روى البخاري (367) ، ومسلم (2099) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ".
قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (14/ 76): " وأما اشتمال الصماء -بالمد - فقال الأصمعي: هو أن يشتمل بالثوب حتى يجلل به جسده ، لا يرفع منه جانبا ، فلا يبقى ما يخرج منه يده. وهذا يقوله أكثر أهل اللغة. قال ابن قتيبة: سميت صماء لأنه سد المنافذ كلها ، كالصخرة الصماء التي ليس فيها خرق ولاصدع.
قال أبوعبيد: وأما الفقهاء فيقولون هو أن يشتمل بثوب ليس عليه غيره ، ثم يرفعه من أحد جانبيه فيضعه على أحد منكبيه.
قال العلماء: فعلى تفسير أهل اللغة يكره الاشتمال المذكور : لئلا تعرض له حاجة ، من دفع بعض الهوام ونحوها أو غير ذلك ، فيعسر عليه ، أو يتعذر ، فيلحقه الضرر.
وعلى تفسير الفقهاء : يحرم الاشتمال المذكور إن انكشف به بعض العورة ، وإلا فيكره" انتهى.
وعليه ؛ فلباس المرأة إن كان يمكنها ، مع لبسه ، تحريك يديها ، ودفع الأذى عنها، فلا يدخل في اشتمال الصماء.
وأما مباشرة اليدين للأرض عند السجود، فهذا مستحب، إلا أن تصلي المرأة في حضرة رجال أجانب فيلزمها ستر كفيها. وينظر: جواب السؤال رقم : (69855) .
ثانيا:
شرشف الصلاة المذكور : لا يدخل في اشتمال الصماء، وهو شبيه بعباءة الرجل فإنه يمكنه تحريك يديه مع العباءة .
وما دام يمكن تحريك اليدين ، وإخراجهما، عند الحاجة : فلا كراهة.
والله أعلم.