الحمد لله.
الاجابةأكل مال اليتامى من كبائر الذنوب ، وقد توعد الله تعالى فاعله بوعيد شديد .
فقال سبحانه وتعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ) النساء (10).
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى:
" وهذا أعظم وعيد ورد في الذنوب، يدل على شناعة أكل أموال اليتامى وقبحها، وأنها موجبة لدخول النار، فدل ذلك أنها من أكبر الكبائر. نسأل الله العافية " انتهى. "تفسير السعدي" (ص 166).
ورغم هذا الوعيد الشديد فباب التوبة مفتوح.
قال الله تعالى:
( قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ ) الزمر (53 – 54).
وهذه المعصية يتعلق بها حق لله تعالى ، وحق لأولئك اليتامى .
فأما حق الله فهو ارتكاب ما حرم ، والتوبة منه تكون بالندم، والإقلاع عن ذلك ، والعزم على عدم العودة إلى ذلك مرة أخرى .
وأما حق اليتامى فلا توبة منه إلا بإرجاع حقهم إليهم، أو استسماحهم ، إن كانوا قد كبروا وصاروا بالغين راشدين .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ اليَوْمَ، قَبْلَ أَنْ لاَ يَكُونَ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ) رواه البخاري (2449).
ولا يشترط لصحة توبتها أن تعلمهم بأنها كانت تسرق شيئا من أموالهم ، فيكفي أن ترد إليهم حقهم ، ولو كان ذلك بدون علمهم .
سُئلت "اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء":
" إذا سرق إنسان مالا، ثم أراد أن يتوب ، فأرجع المال إلى صاحبه بدون علم من صاحبه، فما حكم توبته؟
فأجابت: إذا كان الواقع كما ذكرت وكان صادقا في توبته وندم على ما حصل منه، وعزم على ألا يعود، فتوبته صحيحة .
ولا يضره في توبته : عدم علم المسروق منه بما رد إليه من ماله.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عبد الله بن قعود ، عبد الله بن غديان ، عبد الرزاق عفيفي ، عبد العزيز بن عبد الله بن باز " انتهى. "اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء" (24 / 355).
وإذا كان هؤلاء اليتامى لا يزالون صغارا ، تصرف لهم أموال بهذه البطاقة ، فيجب على هذه المرأة أن ترد البطاقة إلى وليهم ، حتى يتمكن من صرف الأموال لهم ، وإنفاقها عليهم ؛ ولو بأن تلقيها في مكان تتأكد من أنه سوف يأخذها منه ، أو تضعها في مكتب الصرف ، على أنها لقطة ، من غير أن تعرف بنفسها .
فإن تعذر عليها ذلك ، أو خشيت إن أخبرتهم بالحقيقة أن تتعرض للمساءلة ، وقد يوقع ذلك عليها شيئا من الضرر كالسجن ونحوه .
فإنه يكفيها في هذه الحال أن تصرف هي مستحقات أولئك اليتامى كل شهر بتلك البطاقة ، وتسلم هذه المبالغ لوليهم ، من غير أن يكون لها منة عليهم في ذلك ، فلا تقول إنها أموالها وتتصدق بها على أولئك اليتامى ، بل تستعمل معاريض الكلام ، فتقول إنها مجرد واسطة لإيصال هذه الأموال إلى اليتامى ونحو ذلك .
فإن فعلت ذلك ، فنرجو أن يكفيها هذا ، وتقبل توبتها ويغفر الله لها .
والحاصل :
أن الواجب عليها أن تتوقف عن سرقة مال اليتامى ، وتقطع على نفسها طريق الخيانة ، وترد إليهم بطاقتهم التي يحصلون بها على مستحقاتهم .
وما فات من الأموال التي غصبتها منهم : تجتهد في تقديرها ، حتى تعلم أن ذمتها قد برأت ، وتردها إليهم ، بأي طريق متاح لها .
والله أعلم.