الحمد لله.
ذم الله تعالى الذين يغيرون خلق الله تعالى، وبين أن ذلك من أمر الشيطان لهم ؛ حيث قال سبحانه وتعالى واصفا كيد الشيطان لبني آدم:
وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا * وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا النساء/118 – 119 .
وقد بينت السّنة أن هذا الذم لاحق بكل مغيّر لخلق الله ، اتباعا لهوى النفس في طلب المزيد من الحسن.
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه، قَالَ: " لَعَنَ اللَّهُ الوَاشِمَاتِ وَالمُسْتَوْشِمَاتِ، وَالمُتَنَمِّصَاتِ، وَالمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ، المُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ تَعَالَى. مَالِي لاَ أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ) إلى (فَانْتَهُوا) " رواه البخاري (5931) ، ومسلم (2125).
ولفظة ( لِلْحُسْنِ) : تشير إلى أن التغيير إذا لم يكن سعيا وراء الحسن، وإنما لحاجة ماسة ، فهو لا يتناوله النهي، وهذا الذي تقتضيه نصوص الشرع الدالة على رفع الحرج والمشقة .
ومن القواعد الفقهية الشهيرة ، المقررة عند أهل العلم : أن " الحاجة تنزل منزلة الضرورة ، عامة كانت ، أو خاصة".
قال النووي رحمه الله تعالى:
" وأما قوله: ( المُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ) فمعناه : يفعلن ذلك طلبا للحسن .
وفيه إشارة إلى أن الحرام هو المفعول لطلب الحسن .
أما لو احتاجت إليه ، لعلاج ، أو عيب في السن ونحوه : فلا بأس . والله أعلم " انتهى. "شرح صحيح مسلم" (14 / 106 – 107).
وبناء على هذا؛ فإن افترض أن قصر هذا الأصبع يزعج في المشي والحركة، فإنه في هذه الحالة يشرع تطويله لوجود الحاجة المشروعة.
وأما إذا كان الدافع للعملية هو مجرد التحسين ، كما هو ظاهر السؤال : فلا يشرع؛ لأن هذا القصر لا يشوه المنظر، ولا يوقع صاحبه في الحرج والمشقة؛ لأن مثل هذا لا ينفر الناظر إليه، عادة ، خاصة أن الرِّجل مستورة عند الخروج من البيت وأمام الغرباء، ولا تظهر إلا أمام أهل بيتها الذين لا يُستحى منهم في مثل هذه الأمور، كما أن انتباه الأعين إلى هذا الموضع نادر ؛ والناس عادة لا يدققون النظر في مثل هذه المواضع.
وهذا الحرج الذي ربما يدرك صاحب مثل هذه الأصبع؛ هو حرج يسير، يعالج بالرضا بقضاء الله تعالى وقدره، وأن ينظر صاحبه إلى ما ابتلي به غيره من الناس من الإعاقات ، ليحمد الله تعالى على نعمه، ويصرف فكره إلى النافع من الأعمال.
والله أعلم.