حكم السفر للسياحة والصيد في بلاد الكفار

17-01-2019

السؤال 298117

هل يجوز لي تأسيس شركة سياحة ربحية متخصصة في أخذ الزبائن لصيد الحيوانات المباح أكلها ، مثل : الغزلان ، والطيور ، وتقوم بأخذ الزبائن للصيد في جميع دول العالم ، والتي منها الكافرة ، مع العلم إن من أهداف الشركة هو : السياحة في المناطق الطبيعية ، والتدريب على الصيد مع أكل ما تم اصطياده ، أو شحنه والرجوع به ، أو التصدق به لأهل البلد ، وبخصوص هذا فهل يجوز التصدق به على أهل البلد الغير مسلمين وإن وجد مسلمون فيه ، وهل يجوز أيضا عمل برنامج تلفزيوني لنشر هذه الرحلات بما فيها من نشاطات وجزاكم الله خيرا ووفقكم إلى ما يحبه ويرضاه ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

السياحة في بلاد الكفار فيها خطر عظيم على دين المسلم ؛ لما يتعرض له في هذه البلاد من رؤية المنكرات التي تعصف بالقلب ، وتنقص الإيمان ، وتذهب بالغيرة ، ولهذا كان أهل العلم على التشديد فيها والمنع منها.

قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله: "السفر إلى بلاد الكفر: لا يجوز؛ لأن فيه مخاطر على العقيدة والأخلاق ، ومخالطة للكفار ، وإقامة بين أظهرهم .

لكن إذا دعت حاجة ضرورية ، وغرض صحيح ، للسفر لبلادهم ، كالسفر لعلاج مرض لا يتوفر إلا ببلادهم ، أو السفر لدراسة لا يمكن الحصول عليها في بلاد المسلمين ، أو السفر لتجارة ؛ فهذه أغراض صحيحة ، يجوز السفر من أجلها لبلاد الكفار ، بشرط المحافظة على شعائر الإسلام، والتمكن من إقامة الدين في بلادهم، وأن يكون ذلك بقدر الحاجة فقط ثم يعود إلى بلاد المسلمين .

أما السفر للسياحة فإنه لا يجوز؛ لأن المسلم ليس بحاجة إلى ذلك، ولا يعود عليه منه مصلحة تعادل أو ترجح على ما فيه من مضرة وخطر على الدين والعقيدة " انتهى من "المنتقى من فتاوى الفوزان" سؤال رقم 221 .

وينظر جواب السؤال رقم : (82187) .

ثانيا:

يباح صيد الحيوانات المأكولة كالغزلان والطيور ونحوها، بشرط الانتفاع بالمصيد، إما بالأكل، أو البيع ، أو التصدق به على المحتاجين ، أو إهدائه للأصدقاء والأقارب، أو غير ذلك من وجوه الانتفاع.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " فهذا لا شك في جوازه، وهو مما أحله الله عزّ وجل في كتابه، وثبتت به السنة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، وأجمع عليه المسلمون" انتهى من " الشرح الممتع " (15/ 98).

وأما الصيد على سبيل اللهو والعبث والتسلية فقط ، وإذا صاد شيئا تركه دون أن ينتفع به بشيء ، فهذا النوع من الصيد مكروه عند بعض العلماء، ومنهم من مال إلى تحريمه .

ومن الأدلة على كراهته ما جاء عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال :   مَنْ قَتَلَ عُصْفُورًا بِغَيْرِ حَقِّهِ ، سَأَلَهُ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ .

قِيلَ : وَمَا حَقُّهُ ؟

قَالَ :  أَنْ تَذْبَحَهَا فَتَأْكُلَهَا ، وَلَا تَقْطَعْ رَأْسَهَا فَيُرْمَى بِهَا   رواه النسائي (4349)، والدارمي (1978)، وقال الذهبي في "المهذب" (7/3614) : " إسناده جيد"، وصححه ابن الملقن في " البدر المنير" (9/376)، وحسنه ابن كثير في "إرشاد الفقيه" (1/368) ، وحسنه الألباني في "صحيح الترغيب"(1092).

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: " فَلَوْ لَمْ يَقْصِدِ الِانْتِفَاعَ بِهِ : حَرُمَ؛ لِأَنَّهُ مِنَ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ، بِإِتْلَافِ نَفْسٍ عَبَثًا " انتهى من " فتح الباري " (9/602).

فإذا كان الصيد في بلاد المسلمين، أو كان في بلاد الكفار ، واقتصر الأمر على الذهاب إلى الصيد دون اختلاط بأهل المنكر ، ولا الذهاب لأماكن معاصيهم ، أو حضورها : فلا حرج.

ولا حرج في التصدق على الكافر غير المحارب بالصيد، ولو مع وجود المسلم، لكن المسلم أولى.

قال ابن قدامة رحمه الله: " وكل من حُرم صدقة الفرض ، من الأغنياء ، وقرابة المتصدق والكافر وغيرهم : يجوز دفع صدقة التطوع إليهم ، ولهم أخذها ، قال الله تعالى: (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا) ؛ ولم يكن الأسير يومئذ إلا كافرا.

وعن أسماء بنت أبي بكر، رضي الله عنهما ، قالت: قدمت على أمي وهي مشركة , فقلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أمي قدمت علي وهي راغبة ، أفأصلها؟ قال: نعم ، صلي أمك.

وكسا عمر أخا له حلة كان النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه إياها. [وكان أخوه في ذلك الوقت مشركا]" انتهى من "المغني" (2/ 276).

ثالثا:

إذا كانت السياحة مباحة، فلا حرج في عمل برنامج تلفزيوني لنشر أخبارها والترويج لها؛ لأن الوسائل لها أحكام المقاصد، ووسيلة المباح مباحة.

والله أعلم.

أحكام الرياضة والتسلية والترفيه
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب