الحمد لله.
أولا:
لا يجوز التحاكم إلى المحاكم الوضعية التي لا تحكم بالشرع إلا عند الاضطرار، بأن لا يجد وسيلة لأخذ حقه إلا بذلك، مع كراهته لهذا التحاكم، واقتصاره على أخذ حقه، كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم : (92650) .
ولا حرج في شراء السلع والمنتجات ولو تضمن العقد اشتراط التحاكم إلى محاكم وضعية عند الاختلاف، إذا كان الإنسان محتاجا للسلعة، ولن يترتب على موافقته على الشرط إلزامه بأمر محرم، كما هو مبين في جواب السؤال رقم : (175930) ، ورقم : (278244) .
وعليه : فلو لم تجد وسيلة للوصول إلى حقك إلا بالتحاكم إلى محكمة وضعية، أو لجنة تحكيم في الموقع، فلا حرج في ذلك بالشروط التي ذكرنا.
ثانيا:
إذا تأخر البائع في إرسال السلعة عن الموعد المحدد، كان للمشتري حق الفسخ واسترداد ماله.
قال في "كشاف القناع" (4/ 29): " لو تعذر تسليم المبيع : فللمشتري الفسخ " انتهى بتصرف.
وفي "مجلة الأحكام الشرعية على مذهب الإمام أحمد"، مادة 472: "إذا تعذر على البائع تسليم المبيع، فللمشتري الفسخ" انتهى.
وقال الدكتور وهبة الزحيلي في "الفقه الإسلامي وأدلته" (4/ 3205): "أن حق الفسخ مقرر في بعض أحوال استحالة التنفيذ، كعجز البائع عن تسليم المبيع بسبب هلاكه، يكون للمشتري خيار الفسخ، وكبيع السّلم (بيع آجل بعاجل) إذا تعذر تسليم المبيع عند حلول الأجل، لعدم وجوده، يكون المشتري بالخيار بين فسخ السّلم واسترداد الثمن، أو انتظار وجوده إلى العام المقبل" انتهى.
ثالثا:
بناء على ما سبق، فلك الانتظار حتى تصلك السلعة، ولك طلب الفسخ واسترداد ما دفعت .
فإن تم هذا مع البائع فلا حاجة لرفع الأمر إلى الموقع الوسيط .
وإن لم يتم عبر البائع، فلا حرج في الترافع ، أو التحاكم ، إلى الموقع الوسيط، بشرط ألا تأخذ أكثر من حقك .
فإن أرجع إليك مالك أو بعضه، ثم وصلتك السلعة، لم يحل لك أخذ المال، ووجب أن ترده للبائع؛ إذ لا حق لك في التعويض عن تأخير السلعة.
وكذا لو حكم لك بأكثر مما دفعت، وجب أن ترد الزائد إلى البائع.
وهذا ليس خاصا بمسألة التحاكم إلى غير المسلمين، بل لو حكم القاضي المسلم بما ليس لك شرعا، لم يحل أخذه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ ، وَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلَا يَأْخُذْ ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ رواه البخاري (6967) ، ومسلم (1713).
والله أعلم.