الحمد لله.
لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن أحد من أصحابه الكرام: ما يدل على أن فيل أبرهة كان اسمه : " محمود ".
ولكن صرح أكثر أهل السير والأخبار، ونقله عنهم كثير من المفسيرين: بأنْ اسم ذلك الفيل الذي جاء به أبرهة لهدم الكعبة " محمود " ، ومن هؤلاء :
1- مقاتل بن سليمان في "تفسيره" (4/ 848) حيث قال : " فأمر عند ذلك بجنوده من مزارعي الأرض ، فأخرج كتائبه جماهير معهم الفيل ، واسمه محمود " انتهى .
2- ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (1/ 74) حيث قال : " وَكَتَبَ إِلَى النَّجَاشِيِّ يُخْبِرُهُ بِذَلِكَ وَيَسْأَلَهُ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِ بِفِيلِهِ مَحْمُودٍ. وَكَانَ فِيلا لَمْ يُرَ مِثْلُهُ فِي الأَرْضِ عِظَمًا وَجِسْمًا وَقُوَّةً " انتهى.
3- الأزرقي في "أخبار مكة" (1 /146) حيث قال : " وَلَمَّا أَصْبَحَ أَبْرَهَةُ تَهَيَّأَ لِدُخُولِ مَكَّةَ، وَهَيَّأَ فِيلَهُ، وَعَبَّأَ جَيْشَهُ، وَكَانَ اسْمُ الْفِيلِ مَحْمُودًا " انتهى .
4- أحمد بن داود الدينوري في "الأخبار الطوال" (ص: 63) حيث قال : " فغضب أبرهة عند ذلك غضبا شديدًا ، وتجهز للمسير الى مكة ليهدم الكعبة ، فأرسل الى النجاشى ، فبعث اليه بفيل كالجبل الراسي ، يقال له محمود ، فسار الى مكة ، فكان من أمره ما قد قصه الله في سوره الفيل " انتهى.
5- ابن جرير الطبري في "تاريخ الرسل والملوك" (2/ 138) حيث قال : " فأخبر أبرهة بذلك ، فغضب غضبا شديدا ، وقال : إنما فعلت هذا العرب غضبا لبيتهم ، لأنقضنه حجرا حجرا ، وكتب إلى النجاشي يخبره بذلك ، ويسأله أن يبعث إليه بفيله محمود - وكان فيلا لم ير مثله في الأرض عظما وجسما وقوة " انتهى.
6- ابن الجوزي في "المنتظم في تاريخ الملوك والأمم" (2/ 128) حيث قال : " فكتب إِلَى النجاشي يخبره بذلك ، وسأله أن يبعث إليه بفيله : محمود" انتهى .
7- ابن الأثير في "الكامل" (1 /402) حيث قال : " فغضب أبرهة وحلف ليسيرن إلى البيت فيهدمه، وأمر الحبشة فتجهزت، وخرج معه بالفيل واسمه محمود " انتهى.
8- ابن كثير في "البداية والنهاية" (6/ 337) حيث قال : " فجاء بعض قريش فأحدث في هذه الكنيسة ، فلما بلغه ذلك حلف ليخربن بيت مكة ، فسار إليه ومعه الجنود والفيل محمود " انتهى.
والحاصل:
أن أهل السير قد تواردوا على أن الفيل كان اسمه محمودًا ، ولا يشترط في ثبوت مثل هذا أن يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ ومثل هذه القضايا التاريخية يتسامح في أسانيدها عادة، ويتناقل أهل العلم ما اشتهر منها ، لا سيما وأنه لا يترتب عليه ، ولا تعلق له بحكم ، ولا اعتقاد ، ولا يترتب عليه أي شيء؛ بل من أقرب إلى المُلَح، ونوادر الأخبار، منه إلى متين العلم الذي يطلب فيه التحري، وتدقيق الأسانيد .
والله أعلم .