هل يجوز التعامل التجاري مع مَن يختلط ماله الحلال بالحرام؟

05-04-2023

السؤال 299794

صديق لي كان عنده نوع من الطيور "حمام"، ويأتيه حمام ليس له، فأخذه، ثم قام ببيعه مع حمامه، وقام بالتجارة بأمور أخرى، فهل يجوز لي أن أبيع له بضاعة؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :

إذا كان الحمام الذي يأتي إلى صاحبك هو من الحمام البري الذي لا يملكه أحد ، فهو ملك لمن يأخذه ، فلا حرج على صاحبك إن أخذه  وباعه ، وبالتالي تكون أمواله حلالا .

"قال الإمام مالك في النحل يخرج من جبح [خلية] هذا إلى جبح هذا، ومن جبح هذا إلى جبح هذا؟

قال: إن علم ذلك، واستطاعوا أن يردوها إلى أصحابها: ردوها، وإلا فهي لمن ثبتت في أجباجه، قال مالك: وكذلك حمام الأبرجة" انتهى من "المدونة" (1/ 449).

ثانيا :

أما إذا كان الحمام مملوكا لشخص ، فلا يجوز لصديقك الاستيلاء عليه وبيعه ، لأن هذه من أكل أموال الناس بالباطل .

قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ النساء/29.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ رواه أحمد (20172) وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (7662).

ولكن هذا لا يعني أنه يحرم عليك أن تتعامل معه معاملات مالية مباحة ، لأن ماله حينئذ يكون مالا مختلطا ، (أي : اختلط فيه المال الحلال بالمال الحرام) ومثل هذا يجوز التعامل معه ، إلا فيما علم أنه من هذا المال الحرام ؛ فلا يجوز المعاملة معه فيه ؛ فلا يشترى منه هذا الحمام، ولا يؤكل منه إن ذبحه، ولا تبع له إن كنت تعلم أن المال الذي دفعه لك هو ثمن هذا الحمام إن كان قد باعه.

ومعاملة من ماله مختلط، لم يتميز فيه الحرام من الحلال: جائزة، على القول الراجح، لكنه لا يأخذ منه عين الحرام؛ وقد عامل النبي صلى الله عليه وسلم اليهود مع أن أموالهم فيها كثير من الحرام، وأكل من طعامهم .
قال البغوي : " فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَهَنَ دِرْعَهُ مِنْ يَهُودِيٍّ بِشَعِيرٍ أَخَذَهُ لِقُوتِ أَهْلِهِ ، مَعَ أَنَّهُمْ يُرْبُونَ فِي مُعَامَلاتِهِمْ ، وَيَسْتَحِلُّونَ أَثْمَانَ الْخُمُورِ.
قَالَ سَلْمَانُ: إِذَا كَانَ لَكَ صَدِيقٌ عَامِلٌ أَوْ تَاجِرٌ ، يُقَارِفُ الرِّبَا ، فَدَعَاكَ إِلَى طَعَامٍ فَكُلْ ، أَوْ أَعْطَاكَ شَيْئًا فَاقْبَلْ ، فَإِنَّ الْمَهْنَأَ لَكَ ، وَعَلَيْهِ الْوِزْرُ.
وَسُئِلَ الْحَسَنُ عَنْ جَارٍ عَرِّيفٍ يُهْدِي إِلَيَّ، فَأَقْبَلُ؟ أَوْ أَوْلَمَ فَدَعَانِي فَآكُلُ؟
قَالَ: نَعَمْ لَكَ مَهْنَؤُهَا ، وَعَلَيْهِ وِزْرُهَا.
وَمِثْلُهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَمَكْحُولٍ، وَالزُّهْرِيِّ ، قَالُوا : إِذَا كَانَ الْمَالُ فِيهِ الْحَلالُ وَالْحَرَامُ ، فَلا بَأْسَ أَنْ يُؤْكَلَ مِنْهُ ، إِلا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الَّذِي يُطْعِمُهُ أَوْ يُهْدِيهِ إِلَيْهِ حَرَامٌ بِعَيْنِهِ ، فَلا يَحِلُّ ". انتهى من "شرح السنة" (8/14) .

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله : " واليهود أموالهم مخلوطة ، عندهم الربا ، وعندهم العقود الباطلة ، والنبي صلى الله عليه وسلم عاملهم ، اشترى منهم ، وأكل طعامهم ، وأباح الله لنا طعامهم وعندهم ما عندهم...

فالذي ماله مخلوط لا بأس أن يعامل". انتهى من " مجموع فتاوى ابن باز" (19/196).

وينظر جواب السؤال رقم: (179446) .

والله أعلم .

عرض في موقع إسلام سؤال وجواب