الحمد لله.
أولا:
قول الزوج: أنت طالق طالق طالق، يقع به طلقة واحدة، سواء قصد بالثانية والثالثة التأكيد، أو قصد التأسيس على الراجح؛ لأنه لا يقطع طلاق ثان أو ثالث، إلا بعد رجعة أو عقد جديد.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " والقول الراجح في هذه المسائل كلها: أنه ليس هناك طلاق ثلاث أبداً، إلا إذا تخلله رجعة، أو عقد، وإلا فلا يقع الثلاث، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وهو الصحيح " انتهى من "الشرح الممتع" (13/ 94).
وعليه : فله مراجعتها ما دامت في العدة.
ثانيا:
إذا طلق الزوج بناء على ظنه أنه قال من قبل: " إذا فعلت كذا تحرمين عليّ" ، وأن زوجته خالفته واستهترت بالطلاق، ولهذا طلقها؛ فإن تبين له: أنه لم يقل ذلك، فإن الطلاق لا يقع؛ لأنه بناه على أمر لم يثبت.
قال ابن القيم رحمه الله: " إذا قال الرجل لامرأته أنت طالق ثلاثا لأجل كلامك لزيد، وخروجك من بيتي، فبان أنها لم تكلمه، ولم تخرج من بيته، لم تطلق ...
والمقصود أنه إذا علَّل الطلاق بعلَّةٍ، ثم تبين انتفاؤها؛ فمذهب أحمد: أنه لا يقع بها الطلاق، وعند شيخنا: لا يشترط ذكر التعليل بلفظه. ولا فرق عنده بين أن يطلقها لعلَّةٍ مذكورة في اللفظ، أو غير مذكورة؛ فإذا تبين انتفاؤها، لم يقع الطلاق.
وهذا هو الذي لا يليق بالمذهب غيره، ولا تقتضى قواعد الأئمة غيره.
فإذا قيل له: امرأتك قد شربت مع فلان، أو باتت عنده، فقال: اشهدوا عليَّ أنها طالق ثلاثاً، ثم عَلِم أنها كانت تلك الليلة في بيتها، قائمة تصلي؛ فإن هذا الطلاق لا يقع به قطعاً.
وليس بين هذا وبين قوله: إن كان الأمر كذلك فهي طالق ثلاثا؛ فرق ألبته، لا عند الحالف، ولا في العرف، ولا في الشرع.
فإيقاع الطلاق بهذا وهمٌ محض، إذ يُقطع بأنه لم يرد طلاق من ليست كذلك، وإنما أراد طلاق من فعلت ذلك " انتهى من " إعلام الموقعين" (4/ 90).
وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (6/ 245):
" من بنى قوله على سبب، تبين أنه لم يوجد؛ فلا حكم لقوله.
وهذه قاعدة لها فروع كثيرة، من أهمها: ما يقع لبعض الناس في الطلاق، يقول لزوجته مثلاً: إن دخلت دار فلان، فأنت طالق، بناءً على أنه عنده آلات محرمة، مثل المعازف أو غيرها، ثم يتبين أنه ليس عنده شيء من ذلك، فهل إذا دخلت تطلق أو لا؟
الجواب: لا تطلق، لأنه مبني على سبب تبين عدمه، وهذا هو القياس شرعاً وواقعاً " انتهى.
والعبرة هنا بقول الزوج، فإن أصر على أنه قال ذلك من قبل، وقع الطلاق.
وإن تذكر، وعلم أنه لم يقل ذلك، وأن طلاقه كان بناء على هذا السبب الذي لم يثبت، لم يقع طلاقه.
ثالثا:
إذا أصر على أنه قد قال ذلك، وقد فعلت الزوجة ما نهاها عنه، فينظر في التحريم، فإن أراد به الطلاق، فكأنه طلق أربع مرات، فلا يقع إلا طلقة واحدة كما قدمنا.
وإن أراد الظهار، لزمته كفارة الظهار، إذا أراد أن يعيدها إليه ، مع وقوع طلقة [لأجل قوله بعد ذلك: أنت طالق..] .
وإن لم يرد شيئا، أو أراد منعها فقط: لزمته كفارة يمين، إن أراد أن يعيدها ، مع وقوع طلقة.
وينظر جواب السؤال رقم : (81984) .
والله أعلم.