الحمد لله.
أولا:
الواجب على المريض أن يصدق في ذكر الأعراض التي يشعر بها؛ لوجوب الصدق وتحريم الكذب، لقوله تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ التوبة/119.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا. وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا رواه البخاري (5629)، ومسلم (4719).
وإذا شاع في بلد أن المرضى يكذبون في ذكر الأعراض، إذا علموا أن الفاحص في مرحلة اختبار، ليحصلوا على المال؛ فهذا بلاء وشر، نسأل الله العافية.
ويجوز حينئذ للطالب الممتحن أن يدفع المال ليصدق المريض معه؛ دفعا لمفسدة تضليله وتضييع وقته، واحتمال رسوبه في المادة.
وهذا يشبه دفع الرشوة عند خوف الظلم؛ وهو جائز للدافع، من أجل ضرورته، حرام على الآخذ بغير حق.
قال ابن الأثير رحمه الله: " الرِّشْوة والرُّشْوة: الوُصلة إلى الحاجة بالمُصانعة.
وأصله من الرِشاء الذي يُتَوصَّل به إلى الماء. فالراشي مَن يُعطِي الذي يُعِينه على الباطل. والمُرْتَشِي الآخِذُ. والرائِش الذي يسْعى بينهما، يَسْتزيد لهذا، ويَسْتنقِص لهذا.
فأمَّا ما يُعْطَى تَوصُّلا إلى أخْذِ حق، أو دَفْع ظُلْم: فغير داخل فيه.
رُوِي أنّ ابن مسعود أُخِذ بأرض الحَبشة في شيء فأعْطَى دينارين حتى خُلّى سبيله.
ورُوِي عن جماعة من أئمة التابعين قالوا: لا بأس أن يُصانِع الرجل عن نفسه ومالِه، إذا خاف الظلم " انتهى من "النهاية في غريب الحديث والأثر" (2/ 546).
ثانيا:
يجوز للمريض أن يمتنع عن الفحص الخاص بالاختبارات، إلا بمقابل نظير حبس الوقت لذلك، أو حضوره من بيته لأجل هذا الفحص، وهذه أجرة مقابل عمل.
لكن: ليس له أن يكذب بحال ؛ بل إما أن يمتنع عن الحضور إلا بأجرة ، وإما أن يبذل نفسه ووقته مجانا ، على أن يصدق في بيان ما عنده ، بكل حال.
والله أعلم.