الحمد لله.
أولا:
بيع المنازل قيد الإنشاء، يسمى عقد استصناع، وهو عقد جائز، وإذا كانت شركة العقارات تملك الأرض، وتشاركها شركة التمويل بالمال، لبناء المنازل، أي أن العقد بينهما شركة، هذا بأرضه وهذا بماله، بحيث يصبح العقار المبني بعد ذلك ملكا لهما، فلا حرج في هذه الشركة، ولا حرج في شرائك من شركة العقارات، وتسديد المال لدى شركة التمويل؛ لأنهما شركاء، وكل منهما وكيل عن الآخر في التصرف.
والشراء بالتقسيط لا حرج فيه ولو كان بثمن أعلى من الثمن الحال، أو قيل إن ربح السنة كذا، بشرط أن يتفق على الثمن الإجمالي، وألا يذكر الربح أو الفائدة مفصولا عن الثمن.
وينظر: جواب السؤال رقم : (281553) .
ثانيا:
أما إذا لم تكن شركة التمويل شريكا، وكان دورها أن تدفع الثمن للبائع نيابة عن المشتري، ثم تسترد الثمن من المشتري بزيادة، فهذا ربا؛ لأن حقيقته أن الشركة أقرضت المشتري الثمن، ثم تسترده منه بزيادة مشروطة، وهذا ربا بالإجماع.
قال ابن قدامة رحمه الله الله تعالى : "وكل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف . قال ابن المنذر : أجمعوا على أن المُسلف إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية ، فأسلف على ذلك أن أخذ الزيادة على ذلك ربا .
وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر منفعة" انتهى من "المغني" (6/436) .
وهذا التمويل الربوي لا يتعارض مع إشراف الشركة على مراحل البناء، وشراء المواد ودفع المال على دفعات، كما تقوم به كثير من البنوك في التمويل العقاري الربوي.
وبهذا يتبين أن دخول شركة التأمين أو التمويل في العقد يحتمل أن يكون على وجه صحيح، وأن يكون على وجه فاسد، ولذا يلزم التحقق من طبيعة دورها، وذلك يكون مبينا في العقد غالبا، أو في اتفاقية الشركتين معا، وهذا يمكن الوقوف عليه.
ومما يدلك على وجود شركة حقيقية بين الشركتين: أن يُنص في العقد على أن العقار ملك لهما.
ومما يدل على عدم وجود شركة حقيقية: أن ينص في العقد على أن المالك البائع هو شركة العقارات فقط، وأن شركة التمويل تدفع المال اللازم للبناء وتشرف عليه.
وإذ ثبت أن الصورة محرمة، فلا عذر للمشتري بأنه لم يطلب دخول شركة التمويل، فحيث كان العقد ربويا، حرم الدخول فيه، بل لو علم المشتري أن البائع بالتقسيط، لا يبيع له إلا إذا باع الأقساط للبنك، أو لشركة التمويل: لم يجز الدخول في العقد؛ لما فيه من الإعانة على الربا.
والله أعلم.