الحمد لله.
ما أرسلته من أموال لوالدك، فيه تفصيل:
1- فما كان بغرض أن ينميه لك كما ذكرت، كأن يدخله في تجارة أو يشتري لك به شيئا، وأنت تعلم أنه يحوله إلى العملة المحلية ليفعل ذلك، فهذا يتضمن توكيله في صرف العملة، فيكون مالك الذي عنده بالعملة المحلية، فإن نماه فقد أحسن إليك، وإن لم ينمه، وكان باقيا، أخذته بالعملة المحلية.
فإن فرط في حفظه، فتلف، أو ضاع : كان ضامنا؛ فتأخذه من التركة قبل تقسيمها بالعملة المحلية أيضا.
2- وما كان على سبيل القرض لوالدك، ولم تتفق معه على أن يحول المال ويقترضه بالعملة المحلية، فإنه يكون دينا عليه بالعملة الأجنبية؛ لأن القرض يسدد بمثله.
قال ابن قدامة : " الْمُسْتَقْرِض يَرُدُّ الْمِثْلَ فِي الْمِثْلِيَّاتِ ، سَوَاءٌ رَخُصَ سِعْرُهُ أَوْ غَلَا ، أَوْ كَانَ بِحَالِهِ" انتهى من " المغني" (6/441) .
فلو أرسلت له ألف دولار مثلا قرضا، فإنك تأخذه من التركة الآن بالدولار، لا بالعملة المحلية.
ولا يشترط التصريح بلفظ القرض، بل إذا كان يأخذ مالك لمصلحة نفسه، لينتفع به، على أن يرد بدله، فهذا هو القرض، فإن أخذه بالعملة الأجنبية ثبت في ذمته كذلك.
وإن أخذه بعد أن حوله لأجلك ، أو بالاتفاق معك على أخذه بالعملة المحلية، ثبت في ذمته بالعملة المحلية.
هذا التفصيل إنما هو لبيان الحكم على سبيل العموم .
غير أن الذي يظهر من سؤالك أنك لم ترسل المال على سبيل القرض لوالدك ، بل أرسلته "لتنميته وحفظه" ، وقد ذكرت أن والدك كان يحول المال إلى العملة المحلية ، وسكوتك عن هذا التحويل يعني رضاك عنه ، وأن الذي يثبت لك الآن إنما هو بالعملة المحلية، لا العملة الأجنبية.
والنصيحة لك أن تراعي صلة الرحم، وأن تحذر ما يؤدي إلى قطيعتها، وأن تتلطف في طلب حقك من والدتك وإخوتك.
والله أعلم.