الحمد لله.
أجمع العلماء على مشروعية العمرة وفضلها.
واختلفوا في وجوبها على قولين:
القول الأول: أنها سنة وليست واجبة ، وإلى هذا ذهب الإمامان أبو حنيفة ومالك ، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية.
القول الثاني: أنها واجبة، وإلى هذا ذهب الإمامان الشافعي وأحمد ، واختار هذا القول الإمام البخاري.
وقد سبق بيان ذلك بأدلته في جواب السؤال رقم: (39524)، وذكرنا أن الأرجح هو القول بالوجوب.
وعلى القول بالوجوب ؛ فإنه إذا توفرت شروط الوجوب وهي القدرة الماليه والبدنية ؛ فالأبرأ للذمة والأفضل أن يبادر الإنسان بأداء العمرة ؛ لأنه لا يعلم متى يوافيه أجله.
قال الحجاوي رحمه الله : " الحج والعمرة واجبان على المسلم الحر المكلف القادر في عمره مرة على الفور "
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " قوله: " على الفور "، أي : يجب أداؤهما على الفور إذا تمت شروط الوجوب.
والدليل على ذلك ما يلي :
أولاً : قوله تعالى: ( ولله على الناس حج البيت )آل عمران/ 97.
ثانياً : حديث أبي هريرة : ( أيها الناس إن الله كتب عليكم الحج فحجوا ).
والأصل في الأمر أن يكون على الفور، ولهذا غضب النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الحديبية حين أمرهم بالإحلال وتباطؤوا .
ثالثاً : لأن الإنسان لا يدري ما يعرض له ، فقد يكون الآن قادرا على أن يقوم بأمر الله عز وجل ، وفي المستقبل عاجزا .
رابعاً : لأن الله أمر بالاستباق إلى الخيرات فقال : ( فاستبقوا الخيرات )البقرة/ 148، والتأخير خلاف ما أمر الله به ، وهذا هو الصواب ، أنه واجب على الفور " .
انتهى من "الشرح الممتع"(7/13).
ولكن إذا كان التأخير لمدة يسيرة كشهر أو نحوه ؛ وكان في التأخير مصلحة ؛ كأداء العمرة في شهر رمضان ؛ فالذي يظهر أنه لا حرج في ذلك ؛ لا سيما وأن طائفة من العلماء قالوا باستحباب العمرة، كما أن الشافعية - وهم ممن قال بالوجوب- لا يرون ذلك على الفور، وإنما يرونه على التراخي؛ فذلك كله مما يقوي التوسعة في تأخير العمرة لزمن فاضل، لا سيما إذا كان الوقت قريبا، ويغلب على الظن بقاء الاستطاعة البدنية والمالية إليه.
والله أعلم.