الحمد لله.
السامريون ، أو السامرة ؛ هم طائفة يهودية قديمة النشأة ، ومقرهم بلاد الشام منذ نشأتهم لا يتجاوزونها.
قال ابن حزم رحمه الله تعالى:
" فأما اليهود فإنهم قد افترقوا على خمس فرق وهي:
السّامريّة: وهم يقولون إن مدينة القدس هي: "نابلس" وهي من بيت المقدس على ثمانية عشر ميلا، ولا يعرفون حرمة لبيت المقدس ولا يعظمونه، ولهم توراة غير التوراة التي بأيدي سائر اليهود، ويبطلون كل نبوة كانت في بني إسرائيل بعد موسى عليه السلام وبعد يوشع عليه السلام، فيكذبون بنبوة شمعون، وداود، وسليمان...، ولا يقرون بالبعث ألبتة، وهم بالشام لا يستحلون الخروج عنها " انتهى من "الفصل في الملل والأهواء والنحل" (1 / 178).
والمسلمون لم يصلوا إقليمهم إلا بعد وفاة النبي صلى الله عليهم وسلم، في فترة الفتوحات.
وقد اجتهد أهل العلم في حصر الوافدين على النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة النبوية، فلم يرد لهذه الفرقة ذكر ولا أثر.
وهذا الكتاب الذي يدّعونه هو شبيه بكتب ادعاها اليهود في عصور شتى وأبطلها أهل العلم وأقاموا الشواهد على كذبها.
فقد حدث في عصر الخطيب البغدادي، المتوفى سنة 463 هـ، أن قام بعض اليهود بعرض كتاب زعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم كتبه لهم، يسقط فيه عنهم الجزية.
قال ابن كثير رحمه الله تعالى:
" ولما ادعى اليهود الخيابرة: أن معهم كتابا نبويا فيه إسقاط الجزية عنهم، أوقفَ ابنُ المُسْلِمَة الخطيبَ على هذا الكتاب.
فقال: هذا كذب.
فقيل له: وما الدليل على ذلك؟
فقال: لأن فيه شهادة معاوية بن أبي سفيان، ولم يكن أسلم يوم خيبر، وقد كانت خيبر في سنة سبع من الهجرة، وإنما أسلم معاوية يوم الفتح، وفيه شهادة سعد بن معاذ، وقد كان توفي عام الخندق سنة خمس. فأعجب الناس ذلك.
وقد سُبِق الخطيب إلى هذا النقد، كما ذكرت ذلك في مصنف مفرد " انتهى من "البداية والنهاية" (16 / 28).
وقد عُرِض هذا الكتاب مرة أخرى بعد مئات السنين على شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وقد توفي سنة 728 هـ.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
" وذكر الخطيب البغدادي هذا الكتاب، وبيّن أنه كذب من عدة وجوه.
وأُحْضر هذا الكتاب بين يدي شيخ الإسلام، وحوله اليهود يزفونه ويجلونه، وقد غشي بالحرير والديباج، فلما فتحه وتأمله بزق عليه، وقال: هذا كذب من عدة أوجه، وذكرها، فقاموا من عنده بالذل والصغار " انتهى من"المنار المنيف" (ص 105).
قال الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله تعالى، معلقا على هذا:
" واستفيد من هذا – من كلام ابن كثير – ومما يذكره ابن القيم من مجيء اليهود بالكتاب في زمن الشيخ ابن تيمية، وتكذيب الشيخ للكتاب: أنه قد تكرر من اليهود محاولة خدع المسلمين بهذا الكتاب المزور على رسول الله صلى الله عليه وسلم في أزمان متعددة، في زمن ابن جرير – الطبري -، وقد ولد سنة 224 وتوفي سنة 310، وفي زمن الخطيب البغدادي، وقد ولد سنة 392 وتوفي سنة 463، وفي زمن ابن تيمية، وقد ولد سنة 661 وتوفي سنة 728 رحمهم الله تعالى.
وصدق عبد الله بن سلام رضي الله عنه – وكان من زعماء اليهود ثم أسلم - إذ قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يكشف طبيعة اليهود: إنّ اليهود قوم بهت. كما رواه البخاري " انتهى من حاشيته على "المنار المنيف" (ص 105).
فالحاصل؛ أن ادعاء اليهود وزعمهم؛ أن عندهم كتبا من النبي صلى الله عليه وسلم: هي فرية قديمة لهم.
فالسامرة: إن كانوا تحت حكم الإسلام فهم كغيرهم من اليهود، لهم الأمان إن كفوا أيديهم عن المسلمين، وبذلوا الجزية.
قال ابن قدامة رحمه الله تعالى:
" الكفار ثلاثة أقسام؛ قسم أهل كتاب، وهم اليهود والنصارى، ومن اتخذ التوراة والإنجيل كتابا، كالسامرة والفرنج ونحوهم، فهؤلاء تقبل منهم الجزية، ويقرون على دينهم إذا بذلوها؛ لقول الله تعالى: ( قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ) التوبة (29).
وقسم لهم شبهة كتاب، وهم المجوس فحكمهم حكم أهل الكتاب...
ولا نعلم بين أهل العلم خلافا في هذين القسمين " انتهى من " المغني " (13/31
والله أعلم.