الحمد لله.
أولا:
لا يجوز اتهام أحد بالسرقة إلا ببينة، أو عند قيام قرائن قوية على ذلك؛ لما روى البخاري (4552) ، ومسلم (1711) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ، لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ، وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ .
وعند البيهقي: ولكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر وصححه النووي في "شرح مسلم"، وابن حجر في "بلوغ المرام".
وروى الترمذي (1341) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبته: الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وصححه الألباني في "صحيح الترمذي".
ومن القرائن المعتبرة: البصمات ، والتصوير، والتسجيل، ونحو ذلك.
قال ابن القيم رحمه الله : "وكذلك المتهم بالسرقة : إذا شوهدت العمامة معه ، وليس من أهلها، كما إذا رئي معه القماش والجواهر ونحوها، مما ليس من شأنه، فادعى أنه ملكه وفي يده: لم يلتفت إلى تلك اليد" انتهى من "الطرق الحكمية" (1/ 305).
وإذا لم يكن معك بينة، ولا قرائن قوية، فقد أخطأت في اتهام هذا البريء بالسرقة.
ثانيا:
الأصل وجوب التحلل من هذه المظلمة ، فإن اتهام إنسان بالسرقة قدح في عرضه ، وشين لسمعته.
لكن إن كنت تبت من ذلك الخطأ ، والعدوان على عرض الغير بغير حق ، وكان يترتب على هذا التحلل والاعتذار إليه مفسدة أكبر، كإلزامك بتعويض ؛ لم يجب عليك التحلل منه ، ولا الاعتذار إليه ، وتكتفين بالتوبة ، ثم تجتهدين في إشاعة براءته في المواضع التي اتهمته فيها، قدر طاقتك؛ إذا لم يكن عليك ضرر في ذلك.
ثالثا:
لا يشرع التعويض عن الأضرار المعنوية.
وفي " الموسوعة الفقهية " (13/ 40) تحت عنوان " التعويض عن الأضرار المعنوية ":
"لم نجد أحداً من الفقهاء عبَّر بهذا، وإنما هو تعبير حادث، ولم نجد في الكتب الفقهية أن أحداً من الفقهاء تكلم عن التعويض المالي في شيء من الأضرار المعنوية" انتهى.
والله أعلم.