الحمد لله.
أولا:
يجوز دفع الزكاة لمن احتاج إلى الزواج ، ولم يجد مالا، ولم يكن له من ينفق عليه من أب أو ابن ، أو وجد وامتنع من تزويجه، فيدفع له من الزكاة حينئذ.
والأصل أن ذلك واجب على من تلزمه نفقته.
قال المرداوي في "الإنصاف" (9/ 404) : "يجب على الرجل إعفاف من وجبت نفقته عليه ، من الآباء والأجداد والأبناء وأبنائهم وغيرهم، ممن تجب عليه نفقتهم. وهذا الصحيح من المذهب. وهو من مفردات المذهب، وما يتفرع عليها" انتهى.
فإذا لم يوجد من ينفق عليه أو امتنع من تزويجه، جاز دفع الزكاة إليه.
قال الشيخ ابن عثيمين : " لو وجدنا شخصاً يستطيع أن يكتسب للأكل والشرب والسكنى ، لكنه يحتاج إلى الزواج ، وليس عنده ما يتزوج به فهل يجوز أن نزوجه من الزكاة ؟
الجواب : نعم ، يجوز أن نزوجه من الزكاة ويعطى المهر كاملاً .
فإن قيل : ما وجه كون تزويج الفقير من الزكاة جائزاً ، ولو كان الذي يعطى إياه كثيراً ؟
قلنا : لأن حاجة الإنسان إلى الزواج ملحة ، قد تكون في بعض الأحيان كحاجته إلى الأكل والشرب . ولذلك قال أهل العلم : إنه يجب على من تلزمه نفقة شخص أن يزوجه ، إن كان ماله يتسع لذلك ، فيجب على الأب أن يزوج ابنه إذا احتاج الابن للزواج ولم يكن عنده ما يتزوج به. لكن سمعت أن بعض الآباء الذي نسوا حالهم حال الشباب ، إذا طلب ابنه منه الزواج قال له : تزوج من عرق جبينك . وهذا غير جائز وحرام عليه إذا كان قادراً على تزويجه ، وسوف يخاصمه ابنه يوم القيامة ، إذا لم يزوجه مع قدرته على تزويجه " انتهى من "فتاوى أركان الإسلام" ص440-441 .
وينظر: جواب السؤال رقم : (21975) .
ثانيا:
إذا كان المقصود من "الزواج من امرأة ثانية" أن زوجته الأولى ماتت ، أو طلقت، فإنه تدفع له الزكاة ليتزوج غيرها، كما تقدم.
وإذا كان المقصود التعدد، وأن معه زوجة ويريد أن يتزوج زوجة ثانية، فلا يجوز أن يدفع له الزكاة لذلك، ولا يجب على من تلزمه نفقته أن يفعل ذلك؛ لأن الحاجة تندفع بواحدة.
قال في "مطالب أولي النهى" (5/648) : " ويكفي إعفافه (بواحدة) ، (زوجة أو سرية) ؛ لاندفاع الحاجة بها .
(فإن ماتت) زوجة أو سرية أعفه بها : (أعفه ثانيا) ؛ لأنه لا صنع له في ذلك .
(لا إن طلق بلا عذر ، أو أعتق السرية مجانا) ، بأن لم يجعل عتقها صداقها؛ فلا يلزمه إعفافه ثانيا، لأنه الذي فوت على نفسه." انتهى.
والحاصل:
أنه لا يجوز دفع الزكاة لمن أراد الزواج بزوجة ثانية، ما دامت زوجته الأولى عنده ، لأن حاجته وإعفافه يحصل بها ، ودفع حاجة غيره أولى من صرف الزكاة له ، فتدفع الزكاة لإعفاف الأيامى من فقراء المسلمين، لا سيما الشباب منهم ، وحاجات المسلمين، في عامة معايشهم: أعظم وأكثر من أن تقوم بها أمثال هذه الزكوات والصدقات، فليس من الحكمة ولا من الشرع أن تصرف الزكوات في حاجة من يريد أن يتزوج ثانية، وغيره ممن لا يجد الزواج بواحدة يستعف بها، يحرم منها ، بل غيره ممن لا يجد حاجات معايشه الأساسية ، يحرم منها !!
والله أعلم.