هل الله سبحانه وتعالى سأل سيدنا محمد فى رحلة الإسراء والمعراج بماذا تحب أن أناديك لقب ابراهيم بالخليل، وموسى بالكليم، وعيسى بالروح القدس، وأنت ماذا تحب؟ قال سيدنا محمد نادينى باليتيم، فقال الله وعزتى وجلالى: لأجعلنك فوق سائر الأنبياء أجمعين، وأعطيك، ولسوف ترضى ؟
الحمد لله.
لم نقف على هذا الخبر، لا بسند صحيح ولا ضعيف ولا مكذوب، كما أنه مخالف للثابت من قصة معراجه صلى الله عليه وسلم؛ فقد ورد في الصحيحين أن الله سبحانه وتعالى خاطب نبيه صلى الله عليه وسلم باسمه وهو "محمد"، وليس بلفظ "اليتيم".
عن أَنَس بْن مَالِكٍ في قصة فرض الصلوات الخمس في حادثة المعراج: فَقَالَ الجَبَّارُ: يَا مُحَمَّدُ، قَالَ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: إِنَّهُ لاَ يُبَدَّلُ القَوْلُ لَدَيَّ، كَمَا فَرَضْتُ عَلَيْكَ فِي أُمِّ الكِتَابِ، قَالَ: فَكُلُّ حَسَنَةٍ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، فَهِيَ خَمْسُونَ فِي أُمِّ الكِتَابِ، وَهِيَ خَمْسٌ عَلَيْكَ رواه البخاري (7517)، ومسلم (162) واللفظ للبخاري.
كما أن اليتم صفة لا تدل في ذاتها على مدح ولا ذم ، بل هي كسائر ما يبتلي الله به عباده من أمراض ووفاة ومصائب .
كما أن النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج لم يكن يتيمًا ، فإنه كان قد تجاوز الأربعين من عمره؛ وصفة "اليتم" لا تستمر مع الإنسان في كهولته، وقد ورد ما يبين أن هذه الصفة تنعدم بمجرد دخول اليتيم في سن البلوغ.
عن عَلِيّ بْن أَبِي طَالِبٍ: حَفِظْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلَامٍ رواه أبو داود (2873)، وساق الشيخ الألباني له متابعات وشواهد ثم قال: " وخلاصة القول أن الحديث بهذه الطرق والشواهد صحيح عندي، وقد حسن إسناده النووي في "الرياض". " انتهى من "إرواء الغليل" (5 / 83).
وأصح من ذلك حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " جَلَسَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ، فَإِذَا مَلَكٌ يَنْزِلُ، فَقَالَ جِبْرِيلُ: إِنَّ هَذَا الْمَلَكَ مَا نَزَلَ مُنْذُ يَوْمِ خُلِقَ، قَبْلَ السَّاعَةِ، فَلَمَّا نَزَلَ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ رَبُّكَ، أَفَمَلِكًا نَبِيًّا يَجْعَلُكَ، أَوْ عَبْدًا رَسُولًا؟ قَالَ جِبْرِيلُ: تَوَاضَعْ لِرَبِّكَ يَا مُحَمَّدُ. قَالَ: بَلْ عَبْدًا رَسُولًا رواه الإمام أحمد (12 / 76 - 77)، وصححه محققو "المسند"، والشيخ الألباني في تحقيقه لـ "بداية السول" (ص 64).
وينظر جواب السؤال رقم : (322146)، ورقم:(224061).
والله أعلم.