الحمد لله.
أولا:
الأصل في اللباس -الساتر للعورة من غير تبرج- الإباحة.
عَنْ عبد الله بن عمرو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كُلُوا، وَتَصَدَّقُوا، وَالْبَسُوا فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ، وَلَا مَخِيلَةٍ رواه النسائي (2559)، وحسنه الشيخ الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (2 / 504).
قال ابن حزم رحمه الله تعالى:
" واتّفقوا أن لباس كل شيء ما لم يكن حريرا أو منسوجا فيه حرير أو معصفرا أو مغصوبا أو مصبوغا بالبول أو جلد ميتة أو من صوفها أو من شيء منها : فحلال للرّجال وللنساء...
واتّفقوا على إباحة الصّباغ ما لم يكن بعصفر أو نجاسة ... " انتهى من "مراتب الإجماع" (ص 150).
وقال النووي رحمه الله تعالى:
" يجوز لبس الثوب الأبيض والأحمر والأصفر والأخضر والمخطط ، وغيرها من ألوان الثياب ، ولا خلاف في هذا ، ولا كراهة في شيء منه " انتهى من "المجموع" (4 / 452).
وبناء على هذا؛ فلبس المرأة للباس نصفه بلون ونصفه الآخر بلون مغاير؛ الأصل فيه الإباحة؛ ويستثنى من ذلك:
أن يكون هذا التلوين على هيئة فيها لفت أنظار الأجانب إليها، لفرط زينته؛ ففي هذه الحال خروجها بهذا اللباس بين الأجانب يعد من التبرج، وراجعي للأهمية جواب السؤال رقم : (39570).
وكذا يمنع منه إذا كان على هيئة تجلب الأنظار إليها لغرابة تلوينه؛ فتلبسه صاحبته لصرف وجوه الناس إليها إعجابا بنفسها وافتخارا، فهذا يدخل في لباس الشهرة المنهي عنه.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ فِي الدُّنْيَا، أَلْبَسَهُ اللَّهُ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ أَلْهَبَ فِيهِ نَارًا رواه أبو داود (4029)، وابن ماجه (3607)، وحسنه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (2 / 480).
ثانيا:
لبس المرأة للباس يستوعب جانبا من الجسم دون الآخر؛ كأن يكون بكم في الجهة اليمنى مثلا وبدون كم في الجهة الأخرى؛ فإن كان الجانب الآخر سيبقى عاريًا مكشوفًا ، فمثل هذا اللباس معلوم حرمة الخروج به أمام الرجال؛ وإن كان سيكون مستورا بثياب أخرى، أو كانت تلبسه أمام النساء أو أمام زوجها؛ فالأصل في هذا الإباحة، ولم نقف على ما يحرمه.
غير أن الأفضل أن تنصرف المسلمة عن مثل هذه اللبسة؛ لأنها لا تتوافق مع محاسن الإسلام في الاعتدال والتوسط في اللبس وسائر الشؤون.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
" قال شيخنا – ابن تيمية - وهذا من كمال محبة الله ورسوله للعدل، فإنه أمر به حتى في شأن الإنسان مع نفسه، فنهاه أن يحلق بعض رأسه ويترك بعضه، لأنه ظلم للرأس حيث ترك بعضه كاسيا وبعضه عاريا.
ونظير هذا أنه نهى عن الجلوس بين الشمس والظل: فإنه ظلم لبعض بدنه، ونظيره: نهى أن يمشي الرجل في نعل واحدة، بل إما أن ينعلهما أو يحفيهما " انتهى من "تحفة المودود" (ص 147).
والله أعلم.