إمام لم يسجد على الأعضاء السبعة .

12-09-2019

السؤال 316869

صلي مع الإمام جماعة في المسجد ، فكان يسجد طوال الصلاة على السبع أعضاء ، ولكن في آخر سجود سجد على خمسة ، وترك أطراف الأصابع ، ولم ينبهه أحد ، مع العلم أن الإمام دارس فقه ، ويعلم أحكام الصلاة ، وأنا متأكد أنه يعلم الحكم ، فما حكم صلاتي وصلاة المأمومين وصلاة الإمام ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

يجب على المصلي أن يسجد على سبعة أعظم ، كما ثبت بذلك الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم .

روى البخاري (812) ، ومسلم (490) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :  أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ : الْجَبْهَةِ ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ عَلَى أَنْفِهِ ، وَالْيَدَيْنِ ، وَالرِّجْلَيْنِ ، وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ ، وَلَا نَكْفِتَ الثِّيَابَ وَلَا الشَّعْرَ  .

قال النووي رحمه الله في "شرح صحيح مسلم" :

"قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( سَبْعَة أَعْظُم ) أَيْ : أَعْضَاء ، فَسَمَّى كُلّ عُضْو عَظْمًا , وَإِنْ كَانَ فِيهِ عِظَام كَثِيرَة" انتهى .

وكان النبي صلى الله عليه وسلم ينصب قدميه في السجود [أي : يسجد على صدور قدميه] ، ويستقبل بأطراف أصابعهما القبلة .

ينظر الأحاديث في ذلك في كتاب "صفة الصلاة" للألباني رحمه الله (ص123،124) .

ثانيا:

اختلف العلماء فيمن سجد على ظهر قدمه ، هل تصح صلاته أم لا ؟

فمذهب الشافعية أنها لا تصح ، لأن الواجب عندهم أن يكون السجود على بطون الأصابع ، وبهذا فسروا قول النبي صلى الله عليه وسلم : (وأطراف القدمين) .

قال النووي رحمه الله في "المجموع" (3/404) :

"والاعتبار في القدمين ببطون الأصابع ، فلو وضع غير ذلك لم يجزئه ، ونقل صاحب البيان، عن صاحب الفروع: أنه إن سجد علي ظاهر قدمه أجزأه . والأول أصح ، وبه قطع الرافعي وغيره" انتهى.

ومذهب الحنابلة أنها تصح ، وفسروا (أطراف القدمين) بأطراف الأصابع ، ومن سجد على ظهر قدمه ، فإن أطراف أصابعه تكون على الأرض ، فيكون قد سجد على أطراف قدميه .

قال شمس الدين ابن قدامة في "الشرح الكبير" (1/560) :

"فإن اقتصر على أطراف أصابع يديه : فظاهر الخبر أنه يجزئه ، لأنه قد سجد على يديه، وهكذا لو سجد على ظهور قدميه ، ولأنه لا يخلو من إصابة بعض أطراف قدميه الأرض ، فيكون ساجدا على أطراف القدمين ، إلا أنه يكون تاركا للأفضل" انتهى .

وقال البهوتي رحمه الله في "الروض المربع" (2/54) :

"ويجزئ بعض كل عضو.

وإن جعل ظهر كفيه أو قدميه على الأرض ، أو سجد على أطراف أصابع يديه : فظاهر الخبر أنه يجزئه، ذكره في الشرح " انتهى .

وجاء في "الموسوعة الفقهية" (24/207) :

"يرى الشَّافِعِيَّةَ : أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْيَدَيْنِ بِبَطْنِ الْكَفِّ ، سَوَاءٌ الأْصَابِعُ أَوِ الرَّاحَةُ ، وَفِي الْقَدَمَيْنِ بِبَطْنِ الأْصَابِعِ ، فَلاَ تُجْزِئُ الظَّهْرُ مِنْهَا ، وَلاَ الْحَرْفُ .

أَمَّا الْحَنَابِلَةُ : فَيَرَوْنَ أَنَّ وَضْعَ بَعْضِ كُل عُضْوٍ مِنَ الأْعْضَاءِ السِّتَّةِ الْمَذْكُورَةِ : يُجْزِئُ ، سَوَاءٌ كَانَ ظَاهِرُهُ أَوْ بَاطِنُهُ ، لأِنَّ الأْحَادِيثَ لَمْ تُفَرِّقْ بَيْنَ بَاطِنِ الْعُضْوِ وَظَاهِرِهِ " انتهى .

والراجح في هذا هو مذهب الحنابلة  ، أن السجود على ظهر القدم صحيح ، وهو مذهب الحنفية والمالكية أيضا .

ينظر : "بدائع الصنائع" (1/105) ، "الشرح الكبير" للدردير (2/390) .

والظاهر من السؤال أن هذا الإمام كان قد سجد على ظهور قدميه ، لا أنه رفع قدميه تماما عن الأرض ، لأن هذا لا يفعله إمام درس الفقه ويعلم أحكام الصلاة ، كما وصفت الإمام بذلك في السؤال .

فإذا كان الأمر على ذلك: فالصلاة صحيحة.

وإما إذا كان الحال أنه لم يضع أطراف القدمين على الأرض بالكلية، لا ببطون الأصابع، ولا بظهورها ، فصلاته لا تصح. 

قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (4/208) :

"لو أخل بعضو منها لم تصح صلاته" انتهى .

وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (139988) ، ورقم : (146570) .

وأما صلاة المأمومين خلفه: فهي صحيحة، إن شاء الله، لا دليل على بطلانها، ببطلان صلاة الإمام هنا؛ لا سيما من لم يعلم منهم بهذا الخلل في صلاة الإمام، إلا بعد انقضاء الصلاة، فإن هذا مما يخفى وقوعه من الإمام عادة، على المأمومين، ثم يخفى حكمه أيضا على عامتهم. 

وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم (145834)  وأيضا : (224648).

والله أعلم. 

صفة الصلاة
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب