جاران تشاجرا بسبب خلاف ناتج عن تعارك أطفالهم فيما بينهم، وبعد فصلهم عن بعضهم، ودخول كل واحد منهم لبيته، قام أحدهم بالخروج إلى الشارع، وأخذ بسب عرض الآخر، فلما سمعه جاره قام بالهجوم عليه فضربه، وكسر له يده، فتعطل الذي كسرت يده عن العمل، فمالذي يقع على كليهما من حق؟ وما قول الشرع في مثل هذه الحالة، علماً أن الطرفين يريدون إنهاء هذه المشكلة، والبراءة من ذنب الآخر وحقه، فبما يحكم به الشرع ؟
الحمد لله.
مسائل الخصومات يرجع فيها إلى القضاء، لكن نفيدك بأن اليد إذا شلت، ففيها نصف الدية، وإذا انجبرت معيبة، أو نقصت قوتها ففيها حكومة، [أي تعويض] .
قال ابن قدامة رحمه الله: " فإن جنى عليها فأشلها، وجبت عليه ديتها؛ لأنه فوت منفعتها، فلزمته ديتها، كما لو أعمى عينه مع بقائها، أو أخرس لسانه. وإن جنى على يده فعوجها، أو نقص قوتها، أو شانها، فعليه حكومة لنقصها.
وإن كسرها ثم انجبرت مستقيمة، وجبت حكومة لشينها، إن شانها ذلك، وإن عادت معوجة، فالحكومة أكثر؛ لأن شينها أكثر" انتهى من "المغني" (8/ 458).
ودية اليد: خمسون من الإبل.
والجراحات التي ليس فيها دية محددة شرعا: يجتهد القاضي في تحديدها .
ينظر : "الموسوعة الفقهية" (18/ 68).
وإن احتاج المجني عليه إلى علاج، ألزم الجاني بتكلفته.
نقل ابن حزم رحمه الله في "المحلى" (11/ 89) عن شريح أنه "قضى في الكسر إذا انجبر قال: لا يزيده ذلك إلا شدةً، يُعطى أجرَ الطبيب وقدرَ ما شُغل عن صنعته".
وفي "الدر المختار" ص 707: "وفي جواهر الفتاوى: رجل جرح رجلا فعجز المجروح عن الكسب: يجب على الجارح النفقة والمداواة" انتهى.
وقال الدكتور هاني الجبير: "وقال بعض الفقهاء بتضمين الجاني عن تعطُّل المجني عليه عن العمل؛ فقد قضى شريحٌ في الكسر إذا انجبر أنه يُعطى أجرة الطبيب، وقدرَ ما شُغل عن صنعته.
واختلفوا هل يقدر ذلك بنفقته التي يحتاجها، أو بما فاته من كسبٍ بسبب تعطُّله.
وهذا القولُ وجيهٌ، لأنّه قاعدة الشرع أنّ الضرر يزال، ويبقى النظر للقاضي في تقدير ما يجب أن يتحمله الجاني" انتهى نقلا عن:
http://bit.ly/2IBU9gY
وأما من بدأ السب، فتلزمه التوبة، وللقاضي تعزيره بجلد أو حبس، لكن لا يلزمه غرم مالي، سواء عفا المسبوب، أم لا.
والله أعلم.