الحمد لله.
الأصل أن للذكر مثل حظ الأنثيين، وأنه إذا أخذت البنت شقة، أخذ الذكر شقتين.
ولكن إذا تراضى الورثة الذكور على أخذ أقل من نصيبهم، والحال أنهم بالغون راشدون، فلا حرج.
والزوجة وهي الأم هنا لها ثُمن المنزل، وإذا بنت عليه دورين وتبرعت بهما، أو بأحدهما لأولادها: فلا حرج.
وإذا كانت أمكم ستحتفظ بملكية الشقة الخامسة لنفسها، فالواقع أنها تبرعت بدور واحد، مع نصيبها من المنزل وهو الثمن، وهذا لا حرج فيها كما تقدم.
وإذا تراضيتم على أن تأخذ أختكم شقة مثلكم، فلا حرج، والزائد عن نصيبها إحسان وصلة منكم لها.
وأما الشقة الخامسة ففيها تفصيل:
1- فإن وهبتها الأم لأولادها في حياتها، وملكتهم إياها، وخصت بها الذكور مع رضى البنت، فلا حرج، ولا حرج أن تبقى الأم في هذه الشقة التي هي ملك لأولادها.
2- وإن لم تهبها في حياتها لهم، وإنما أوصت بأن تكون للذكور بعد وفاتها، فهذه وصية لوارث وهي محرمة. فتكون الشقة بعد وفاتها تركة، تقسم على ورثتها القسمة الشرعية، فإن رضيت البنت حينها بترك نصيبها لإخوانها: فهذا لها، وإن أبت إلا أخذ نصيبها وجب إعطاؤها هذا النصيب.
قال في "شرح منتهى الإرادات" (2/ 456): " (وتحرم) الوصية (ممن يرثه غير زوج أو) غير (زوجة، بزائد على الثلث لأجنبي، ولوارث بشيء) نصا [أي : نص عليه الإمام أحمد رحمه الله] سواء كانت في صحته أو مرضه.
أما تحريم الوصية لغير وارث بزائد على الثلث، فلقوله صلى الله عليه وسلم لسعد حين قال: (أوصي بمالي كله؟ قال: لا. قال فالشطر؟ قال لا. قال: فالثلث. قال: الثلث والثلث كثير) الحديث " متفق عليه.
وأما تحريمها للوارث بشيء فلحديث " إن الله تعالى قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث " رواه الخمسة إلا النسائي من حديث عمرو بن خارجة وأبو داود والترمذي وابن ماجه عن أبي أمامة الباهلي .
(وتصح) هذه الوصية المحرمة ، (وتقف على إجازة الورثة) لحديث ابن عباس مرفوعا " لا تجوز وصية لوارث؛ إلا أن يشاء الورثة " . وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا " لا وصية لوارث إلا أن تجيز الورثة " رواهما الدارقطني.
ولأن المنع لحق الورثة. فإذا رضوا بإسقاطه نفذ" انتهى.
وعُلم من هذا أنه ليس من حق الأولاد الاتفاق على شيء بخصوص هذه الشقة الآن، وإنما الأمر فيها لوالدتهم، فلها أن تهبها لولدها الآن، إن شاءت ، ما دام برضا سائر الأولاد، أو أن تبقيها على ملكها، ثم تصير ميراثا للجميع من بعدها .
والله أعلم.