الحمد لله.
أولا:
الدم الذي يتبع إسقاط الجنين دون الثمانين يوما لا يعد نفاسا، كما سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم : (37784).
ثانيا:
إذا لم يكن دم نفاس هل يعد دم حيض؟
سبق بيان أن الحامل قد تحيض، وقد رجّح هذا كثير من أهل العلم، طالعي للأهمية جواب السؤال رقم : (23400).
وبناء على هذا؛ فإن نزول الدم عندك في أيامه وعلى صفته يعدّ حيضا.
سُئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
" عن حكم الدم الذي يخرج بعد سقوط الجنين؟
فأجاب قائلا: إذا نزل الجنين فنزل الدم بعده، فإن كان هذا الجنين قد تبين فيه خلق الإنسان، فتبين يداه ورجلاه وبقية أعضائه، فالدم دم نفاس لا تصلي المرأة ولا تصوم حتى تطهر منه، وإن لم يتبين فيه خلق إنسان فليس الدم دم نفاس، فتصلي وتصوم.
إلا في الأيام التي توافق عادتها الشهرية، فإنها تجلس لا تصلي ولا تصوم حتى تنتهي أيام العادة" انتهى من "مجموع الفتاوى" (11 / 292).
وقال السرخسي الحنفي رحمه الله تعالى:
" وإن لم يكن السقط مستبين الخلق: فما رأته قبل السقط حيض، إن أمكن أن يجعل حيضا، بأن وافق أيام عادتها، وكان مرئيا عقيب طهر صحيح " انتهى من "المبسوط" (3 / 213).
لأن أحكام الحيض متعلقة بوجود دمه، فما دام وجد في أيام عادته وعلى صفته، فيحكم بأنه حيض.
قال الله تعالى: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ البقرة/222.
قال ابن رشد رحمه الله تعالى:
" قول الله عز وجل: ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى ) والأذى الدم الخارج من الرحم، فوجب أن يحمل على أنه حيض، حتى يعلم أنه ليس بحيض، وهذا ما لا أعلم فيه خلافا، وبالله التوفيق " انتهى من "البيان والتحصيل" (1 / 105).
ثانيا:
إذا انقطع الدم لمدة يومين ثم عاد على صفة دم الحيض.
فيحكم لهذين اليومين بأنهما أيام طهر؛ لأن الحيض متعلق بوجود أذاه من دم أو صفرة وكدرة؛ فإذا زال كل هذا فقد حصل الطهر.
قال الله تعالى: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ البقرة/222.
ولما رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 274)، والدارمي في "السنن" (827) وغيرهما بإسناد صحيح: عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: اسْتُحِيضَتِ امْرَأَةٌ مِنْ آلِ أَنَسٍ، فَأَمَرُونِي فَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ؟ فَقَالَ: " أَمَّا مَا رَأَتِ الدَّمَ الْبَحْرَانِيَّ فَلاَ تُصَلِّي، وَإِذَا رَأَتِ الطُّهْرَ وَلَوْ سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ فَلْتَغْتَسِلْ وَتُصَلِّي " ، وصححه محققو الكتابين.
فهاذان اليومان اللذان انقطع فيهما الدم يعتبران أيام طهر، وأما ما تلاهما من دم فهو حيض ، ويكون تابعا للدم السابق من دم الحيض، لأن أحكام الحيض متعلقة بوجود دمه، كما سبق في كلام ابن رشد، وقد وجد.
سُئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:
"إذا أتى المرأة عذرها لمدة أربعة أيام ثم انقطع عنها، واغتسلت لظنها أنها قد طهرت، وصامت ليوم كامل، وفي اليوم التالي عاودها العذر مرة أخرى، فهل عليها قضاء ذلك اليوم أم لا؟
فأجاب: ليس عليها قضاء ذلك اليوم، إذا كان الدم غاب عنه ذلك اليوم، ولم تر دما إلا بعد غروب الشمس، فإن ذلك اليوم صومه صحيح، والدم الذي عاد عليها بعد ذلك اليوم يعتبر دم الحيض إذا كان في العدة في أيام العادة.
أما إن كان خارج العادة إذا كانت عادتها أربعة أيام وطهرت، ثم جاءها دم بعد اليوم الخامس الذي طهرت فيه، فهذا فيه تفصيل:
فإن كان كدرة أو صفرة: فإنه لا عمل عليه، تصلي وتصوم وتتوضأ لكل صلاة.
أما إذا كان دما صحيحا، فإنه تابع للحيض، يكون حيضا تابعا للأول، واليوم الذي فيه الطهارة صومه صحيح، والحمد لله " انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (16 / 87 - 88).
والله أعلم.