الحمد لله.
"هذا التعبير غير صحيح من جهة معناه ؛ لأن الله تعالى هو الخالق لكل شيء , المالك له , ولم يغب عن خلقه وملكه , حتى يتخذ خليفة عنه في أرضه , وإنما يجعل الله بعض الناس خلفاء لبعض في الأرض , فكلما هلك فرد أو جماعة أو أمة جعل غيرها خليفة منها يخلفها في عمارة الأرض , كما قال تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ) . وقال تعالى: ( قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ) . وقال : ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ) . أي : نوعا من الخلق يخلف من كان قبلهم من مخلوقاته" اهـ
من "فتاوى اللجنة الدائمة" (1/33) .
وقال النووي رحمه الله في كتابه "الأذكار" :
بابٌ في ألفاظٍ يُكرهُ استعمالُها .
ينبغي أن لا يُقال للقائم بأمر المسلمين خليفة اللّه ، بل يُقال الخليفة ، وخليفةُ رسولِ اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأميرُ المؤمنين . . .
وعن ابن أبي مُليكة أن رجلاً قال لأبي بكر الصديق رضي اللّه عنه : يا خليفة اللّه! فقال : أنا خليفة محمد صلى اللّه عليه وسلم ، وأنا راضٍ بذلك .
وقال رجلٌ لعمرَ بن الخطاب رضي اللّه عنه : يا خليفة اللّه! فقال : ويلَك لقد تناولتَ تناولاً بعيداً ، إن أُمّي سمّتني عمر ، فلو دعوتني بهذا الاسم قبلتُ ، ثم كَبِرتُ فكُنِّيتُ أبا حفص ، فلو دعوتني به قبلتُ ، ثم وليتموني أمورَكم فسمَّيتُوني أمَير المؤمنين ، فلو دعوتني بذاك كفاك .
وذكر الإِمام أقضى القضاة أبو الحسن الماوردي البصري الفقيه الشافعي في كتابه "الأحكام السلطانية" أن الإِمامَ سُمِّيَ خليفةً ؛ لأنه خلفَ رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم في أُمته ، قال : فيجوز أن يُقال الخليفة على الإِطلاق ، ويجوز خليفة رسول اللّه .
قال : واختلفوا في جواز قولنا خليفة اللّه ، فجوّزه بعضُهم لقيامه بحقوقه في خلقه ، ولقوله تعالى : ( هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ في الأرْضِ ) فاطر / 39 . وامتنع جمهورُ العلماء من ذلك ونسبُوا قائلَه إلى الفجور، هذا كلام الماوردي . انتهى كلام النووي رحمه الله .
والله تعالى أعلم .