ما هو الواجب الموسع؟ وهل كل أوقاته سواء؟

12-04-2023

السؤال 320233

قرأت هذه الجزئية في أصول الفقه، ولم أفهمها، فماذا تعني: " يجوز التخيير بين أجزاء الوقت في الواجب الموسع كالصلاة ولافرق، بجامع حصول المصلحة، وسقوط الفرض"، وماذا تعني حصول المصلحة وسقوط الفرض؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :

ينقسم الواجب من حيث وقته إلى قسمين :

الأول : واجب مضيق ، وهو ما كان وقته بقدره ، فلا يتسع وقته لأكثر من فعله . وسمي "مضيقا" لأنه ضُيِّق على المكلف فيه ، حتى لا يجد سعة يؤخر فيها الفعل . ومثال ذلك : اليوم بالنسبة إلى الصوم.

الثاني: واجب موسع ، وهو ما كان وقته أكثر من وقت فعله ، كأوقات الصلوات ، فللمكلف أن يؤدي الصلاة في أي أجزاء وقتها شاء ، في أول الوقت أو آخره أو وسطه .

وسمي "موسعا" لحصول التوسعة في وقته عن قدر فعله ، ولحصول التوسعة على الكلكف في جواز تأخيره في بعض أجزاء وقته . "شرح مختصر الروضة" للطوفي (1/312، 321) .

وقد أنكر طائفة من الأصوليين الواجب الموسع ، فاستدل عليهم المثبتون له ، وهم الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة بأنه جائز عقلا ، وواقع شرعا ، كالصلوات الخمس ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم بين أول مواقيتها وآخرها ، وقال : (الْوَقْتُ بَيْنَ هَذَيْنِ) رواه مسلم (1424) .

ومما استدل به الجمهور : القياس على الواجب المخيَّر ، كخصال كفارة اليمين ،  وهي عتق رقبة ، أو إطعام عشرة مساكين ، أو كسوتهم ، قال الله تعالى : (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) المائدة/89.

قال الغزالي رحمه الله في "المستصفى" (1/84) :

"فإذًا ، يرجع حاصل الكلام إلى أن الواجب الموسع، كالواجب المخير؛ بالإضافة إلى أول الوقت ، وبالإضافة إلى آخره أيضا" انتهى .

وقد استعمل هذا القياس أيضا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في كتابه "المذكرة" (ص 14) .

فالواجب الموسع يشبه الواجب المخير ، ويكون التخيير فيه بالنسبة لأجزاء الوقت ، فللمكلف أن يفعل العبادة في أي أجزاء الوقت شاء .

ثانيا :

قال الآمدي في "الإحكام" (1/92) :

"إذا كان وقت الواجب فاضلا عنه، كصلاة الظهر –مثلا- : فمذهب أصحابنا وأكثر الفقهاء أنه واجب موسع ، وأن جميع أجزاء ذلك الوقت وقت لأداء ذلك الواجب فيه ، فيما يرجع إلى سقوط الفرض به ، وحصول مصلحة الوجوب" انتهى .

ومعنى "سقوط الفرض" : أن  المكلف فعل ما أمر به ، وبرئت ذمته ، ولم يعد مطالبا بهذا الواجب . ينظر : "العدة في أصول الفقه" لأبي يعلى (1/302) .

ومعنى "حصول المصلحة" : أن الله تعالى أوجب الصلاة –مثلا- ،وهي واجب، موسع لمصلحة معينة ، وهي الحكمة التي أرادها الله تعالى من إيجاب الصلاة ، وهذه الحكمة تحصل بإيقاع الفعل في أي جزء من أجزاء وقت الصلاة الموسع، كحصول الثواب ، وتكفير الذنوب ... وغير ذلك من الحكم المترتبة على مشروعية الصلاة ؛ فهذا كله يتصور حصوله إذا أوقع الفعل في أول الوقت، كما يتصور ذلك بإيقاعه في وسط الوقت، وآخره.

والله أعلم .

عرض في موقع إسلام سؤال وجواب