أقرض صاحبه لأجل مشروع تجاري فوعده أن يعطيه نصف الربح فهل يجوز قبوله؟

15-07-2021

السؤال 320698

لقد اقترض أخ منّي بعض المال من أجل مشروع تجاري ووعد أن يعطيني نصف ربحه الذي لم أطلبه مطلقًا. هل يعتبر حلال بالنسبة لي أن أستخدم أموال الربح (من هذا)؟

ملخص الجواب:

 الواجب عليك أن ترفض هذا المال إن جاءك قبل الوفاء بالقرض، إلا أن تحسبه من دينك. وأما بعد الوفاء : فإن أعطاك شيئا- بعد هذا الرفض المزيل للتواطؤ على المنفعة-، فلا حرج في قبوله.

الجواب

الحمد لله.

أولا:

لا يجوز اشتراط منفعة للمقرض أو التواطؤ على حصول منفعة له

القرض من عقود الإحسان والتبرع، ولا يجوز فيه اشتراط منفعة للمقرض، أو التواطؤ على حصول منفعة له، وقد أجمع العلماء على أن كل قرض جر نفعا فهو ربا.

قال القرطبي رحمه الله في تفسيره (3/ 241): " وأجمع المسلمون ، نقلا عن نبيهم صلى الله عليه وسلم : أن اشتراط الزيادة في السلف ربا ، ولو كان قبضةً من علف - كما قال ابن مسعود - أو حبة واحدة" انتهى.

فإذا أقرضت صاحبك ووعدك أن يعطيك شيئا قليلا أو كثيرا، فلا تقبل، إلا أن تحسبه من دينك.

وقد روى ابن ماجه (2432) عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَقَ قَالَ: " سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ الرَّجُلُ مِنَّا يُقْرِضُ أَخَاهُ الْمَالَ فَيُهْدِي لَهُ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  إِذَا أَقْرَضَ أَحَدُكُمْ قَرْضًا، فَأَهْدَى لَهُ ، أَوْ حَمَلَهُ عَلَى الدَّابَّةِ : فَلا يَرْكَبْهَا، وَلا يَقْبَلْهُ، إِلا أَنْ يَكُونَ جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ قَبْلَ ذَلِكَ  حسنه شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى" (6/ 159).

ورَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ (3814) عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قال: " أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَلَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ لِي: إِنَّكَ بِأَرْضٍ الرِّبَا بِهَا فَاشٍ، إِذَا كَانَ لَكَ عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ ، فَأَهْدَى إِلَيْكَ حِمْلَ تِبْنٍ أَوْ حِمْلَ شَعِيرٍ أَوْ حِمْلَ قَتٍّ، فَلا تَأْخُذْهُ ؛ فَإِنَّهُ رِبًا.

قال ابن قدامة رحمه الله في هدية المقترض للمقرض: "وإن فعل ذلك من غير شرط قبل الوفاء، لم يقبله، ولم يجز قبوله، إلا أن يكافئه، أو يحسبه من دينه، إلا أن يكون شيئا جرت العادة به بينهما قبل القرض؛ لما روى الأثرم أن رجلا كان له على سماك عشرون درهما ، فجعل يهدي إليه السمك ويقومه، حتى بلغ ثلاثة عشر درهما، فسأل ابن عباس فقال: أعطه سبعة دراهم" انتهى من "المغني" (4/ 241).

وجاء في "المعايير الشرعية"، ص 325: " لا يجوز للمقترض تقديم عين أو بذل منفعة للمقرض، في أثناء مدة القرض، إذا كان ذلك من أجل القرض؛ بأن لم تكن العادة جارية بينهما بذلك قبل القرض" انتهى.

فإذا كان هذا حكم الهدية التي لم يصرح بها عند القرض، فأولى بالمنع ما لو صرح لك ، ووعدك بها عند القرض.

ولهذا فالواجب عليك أن تأبى ذلك، وأن تبين لصاحبك أن القرض عقد إحسان وتبرع، وأنك لا تريد الفائدة ولن تقبلها.

ثانيا:

حكم الإهداء للمقرض بغير اتفاق سابق أو تواطؤ 

إذا سدد المقترض جميع ما عليه، ثم أهدى شيئا للمقرض، دون اتفاق سابق، ولا مواطأة عليه، فلا حرج في قبول هديته.

قال ابن قدامة رحمه الله : " فإن أقرضه مطلقا من غير شرط، فقضاه خيرا منه في القدر، أو الصف، أو دونه، برضاهما : جاز ...

ورخص في ذلك ابن عمر، وسعيد بن المسيب، والحسن، والنخعي، والشعبي، والزهري، ومكحول، وقتادة، ومالك، والشافعي، وإسحاق ...

وروي عن أبي بن كعب، وابن عباس، وابن عمر، أنه يأخذ مثل قرضه، ولا يأخذ فضلا; لأنه إذا أخذ فضلا كان قرضا جر منفعة.

ولنا : أن النبي صلى الله عليه وسلم استسلف بَكْرا، فرد خيرا منه. وقال: ( خيركم أحسنكم قضاء ) متفق عليه. وللبخاري: ( أفضلكم أحسنكم قضاء ) .

ولأنه لم يجعل تلك الزيادة عوضا في القرض، ولا وسيلة إليه، ولا إلى استيفاء دينه، فحلت، كما لو لم يكن قرض" انتهى من "المغني" (4/ 212).

والحاصل :

أن الواجب عليك أن ترفض هذا المال إن جاءك الآن قبل الوفاء بالقرض، إلا أن تحسبه من دينك.

وأما بعد الوفاء : فإن أعطاك شيئا- بعد هذا الرفض المزيل للتواطؤ على المنفعة-، فلا حرج في قبوله.

والله أعلم.

الربا القرض
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب