الحمد لله.
يشكر لهذه الأخت حرصها على البر بأبيها ورغبتها في دعوته وهدايته، وهكذا أمر الله سبحانه المؤمنين فقال: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ لقمان/14، 15.
ولكن يبقى إشكال مهم، وهو مجيء أبيها بأوثانه إلى بيتها، وهذا منكر عظيم يلزمها إنكاره، وكيف تنكره وهي التي جلبته بنفسها إلى بيتها؟!
روى مسلم (49) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ .
وعند إنكار المنكر بالقلب: يلزم مفارقة المكان؛ لقوله تعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا النساء/140.
والحاصل:
أنه لا يجوز لها السماح لأبيها بالعيش معها مع جلبه لأوثانه؛ لما في ذلك من إقرار المنكر العظيم.
فإن أرادت العناية بأبيها، وتمكينه من العيش معها: فلتشترط عليه ألا يحمل أوثانه إلى بيتها، فإن استجاب فالحمد لله، وإن أبى، فلتدعه حيث يعيش، وتسعى في صلته وزيارته ودعوته قدر استطاعتها، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
والله أعلم.