دخلنا في صلاة الظهر مسبوقين بركعتين وراء الإمام، فوقع للإمام حادث، وخرج من الصلاة، وقدمني لأتم الصلاة بالجماعة، فكيف يتم الصلاة المأمومون الذين ورآئي، بحيث إنني دخلت مسبوقا، وأصبحت إماما، وكذلك الذي دخل مسبوقا مثلي؟
الحمد لله.
أولا:
إذا حدث ما يمنع الإمام من إكمال صلاته، جاز له الاستخلاف.
قال النووي رحمه الله : " قال أصحابنا : إذا خرج الإمام عن الصلاة بحدثٍ تعمّده أو سبَقه أو نسيه أو بسبب آخر , أو بلا سبب ؛ ففي جواز الاستخلاف قولان مشهوران : الصحيح الجديد : جوازه ، للحديث الصحيح ، وقد ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " ذهب ليصلح بين بني عمرو بن عوف ، وصلى أبو بكر بالناس ، فحضر النبي صلى الله عليه وسلم وهو في أثناء الصلاة ، فاستأخر أبو بكر ، واستخلف النبي صلى الله عليه وسلم " انتهى باختصار من المجموع" (4/138).
وينظر: جواب السؤال رقم:(77065).
ثانيا:
إذا استخلف الإمام مسبوقا، فإن المسبوق الذي صار إماما يبني على صلاة نفسه، من حيث عدد الركعات، ولا ينظر إلى ما صلاه الإمام بالناس قبل إدراكه، ثم يسلم، وهكذا المسبوقون الذين ائتموا به ، كل يكمل الصلاة على عدد الركعات، بحسب صلاة نفسه.
وأما غير المسبوقين، ففي حقهم ثلاث خيارات:
1-أن يستخلف المسبوق من يسلم بهم، ثم يقوم فيأتي ببقية صلاته، فتكون هذه الصلاة بثلاثة أئمة.
2-أن يسلموا لأنفسهم منفردين، إذا تمت صلاتهم.
3-أن يجسلوا بعد تمام صلاتهم، حتى يكمل المسبوق صلاته ثم يسلم بهم.
قال البهوتي في "كشاف القناع" (1/321): "(وله) أي: للإمام إذا سبقه الحدث ، بناء على الرواية الثانية [أي: بعدم بطلان صلاة المأموم، ببطلان صلاة إمامه]: (أن يستخلف من يتم الصلاة بمأموم ، ولو) كان الذي يستخلفه (مسبوقا) ، لم يدخل معه من أول الصلاة ، (أو) كان الذي استخلفه (مَن لم يدخل معه الصلاة) ، بأن استخلف من كان يصلي منفردا.
(ويستخلف المسبوق) الذي استخلفه الإمام (من يُسلم بهم، ثم يقوم فيأتي بما) بقي (عليه) من صلاته وتكون هذه الصلاة بثلاثة أئمة.
(فإن لم يستخلف المسبوق) من يُسلم بهم، (وسلموا منفردين، أو انتظروا) المسبوق (حتى) يأتي بما عليه من صلاته، ثم (يسلم بهم: جاز) لهم ذلك. نص عليه.
وقال القاضي في موضع من المجرد: يستحب انتظاره حتى يسلم بهم" انتهى.
وفي "الموسوعة الفقهية" (3/259): " المنصوص عليه في مذاهب الفقهاء: أن كل من يصلح إماما ابتداء، يصح استخلافه، ومن لا يصلح ابتداء لا يصح استخلافه، وفي كل مذهب تفصيلات:
- فعند الحنفية: الأولى للإمام ألا يستخلف مسبوقا، وإن استخلفه ينبغي له ألا يقبل، وإن قبل جاز، ولو تقدم: يبتدئ من حيث انتهى إليه الإمام، وإذا انتهى إلى السلام، يُقدِّم مدركا يسلم بهم...
- وقال المالكية: إنه يُشترط فيمن يصح استخلافه أن يدرك مع الإمام الأصلي قبل العذر جزءا يعتد به من الركعة المستخلف هو فيها، قبل الاعتدال من الركوع، وإذا استخلف الإمام مسبوقا، صلى بهم على نظام صلاة الإمام الأول، فإذا انتهى إلى الركعة الرابعة بالنسبة لهم، أشار إليهم فجلسوا، وقام ليتم صلاته ثم يسلم معهم.
- وعند الشافعية: يصح استخلاف مأموم يصلي صلاة الإمام، أو مثلها في عدد الركعات بالاتفاق، سواء أكان مسبوقا أم غيره، وسواء استخلفه في الركعة الأولى أم في غيرها؛ لأنه ملتزم بترتيب الإمام باقتدائه، فلا يؤدي إلى المخالفة...
وإذا أتم بالقوم صلاة الإمام، قام لتدارك ما عليه، والمأمومون بالخيار: إن شاءوا فارقوه وسلموا، وتصح صلاتهم بلا خلاف، للضرورة، وإن شاءوا صبروا جلوسا ليسلموا معه...
- وقال الحنابلة: يجوز استخلاف المسبوق ببعض الصلاة، ولمن جاء بعد حدث الإمام، فيبني على ما مضى من صلاة الإمام، من قراءة أو ركعة أو سجدة، ويقضي بعد فراغ صلاة المأمومين. وحكي هذا القول عن عمر وعلي وأكثر من وافقهما في الاستخلاف.
وفيه رواية أخرى: أنه مخير بين أن يبني، أو يبتدي، فإذا فرغوا من صلاتهم: قعدوا وانتظروه حتى يتم ويسلم معهم؛ لأن اتباع المأمومين للإمام، أولى من اتباعه لهم؛ فإن الإمام إنما جعل ليؤتم به.
وعلى كلتا الروايتين: إذا فرغ المأمومون قبل فراغ إمامهم، وقام لقضاء ما فاته، فإنهم يجلسون وينتظرون حتى يُتم ويسلم بهم؛ لأن الإمام ينتظر المأمومين في صلاة الخوف، فانتظارهم له أولى، وإن سلموا ولم ينتظروه: جاز.
وقال ابن عقيل: يستخلف من يسلم بهم، والأولى انتظاره" انتهى.
والله أعلم.