الحمد لله.
روى الدارمي (3462) بإسناده عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:
" مَنْ قَرَأَ يس حِينَ يُصْبِحُ، أُعْطِيَ يُسْرَ يَوْمِهِ حَتَّى يُمْسِيَ، وَمَنْ قَرَأَهَا فِي صَدْرِ لَيْلِهِ، أُعْطِيَ يُسْرَ لَيْلَتِهِ حَتَّى يُصْبِحَ ".
وفي اسناده شهر بن حوشب ، والاختلاف فيه واسع بين من حسّن حديثه وبين من ردّه.
لكن أهل التحقيق ممن تعمّق في أحاديث شهر ، ومقارنتها بما يرويه غيره، يرون أنه يكثر الوهم والخطأ في حديثه، فلذا لا يبلغ أن يعتدّ بأحاديثه التي يتفرد بروايتها ولم يشاركه فيها غيره.
قال ابن أبي حاتم رحمه الله تعالى:
" سمعت أبي يقول: شهر بن حوشب أحب إلي من أبي هارون العبدي ومن بشر بن حرب، وليس بدون أبي الزبير، لا يحتج بحديثه " انتهى من"الجرح والتعديل" (4 / 383).
وقال ابن عدي رحمه الله تعالى:
" ولشهر بن حوشب هذا غيرُ ما ذكرت من الحديث، ويروي عنه عبد الحميد بن بهرام أحاديث غيرها، وعامة ما يرويه هو وغيره من الحديث : فيه من الإنكار ما فيه، وشهر هذا ليس بالقوي في الحديث، وهو ممن لا يحتج بحديثه، ولا يُتدين به " انتهى من "الكامل" (6 / 200).
وقال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى عن حديث في إسناده شهر بن حوشب:
" وهذا إسناد ضعيف؛ للكلام المعروف في شهر بن حوشب، وهو ممن اختلفت فيه أقوال الحفاظ المتقدمين منهم والمتأخرين، وغاية ما قيل في حديثه أنه حسن؛ وذلك يعني: أن في حفظه ضعفا، وذلك مما صرح به من جرحه - كأبي حاتم وابن عدي وغيرهما -، وهو الراجح الذي دل عليه تتبع أحاديثه؛ فإنه في كثير منها يظهر ضعف حفظه ومخالفته لأحاديث الثقات مثل هذا الحديث - كما سأبينه إن شاء الله تعالى -، وهو الذي انتهى إليه الحافظ فقال في " التقريب ":
" صدوق، كثير الإرسال والأوهام " انتهى من"السلسلة الضعيفة" (14 / 769).
فمثل هذا لا يعتد بما تفرّد به من الروايات ولم يشاركه فيها غيره.
وهذا الأثر لم يتابعه عليه أحد من أصحاب ابن عباس؛ إلا ما ذكره الماوردي معلقا من غير إسناد؛ حيث قال رحمه الله تعالى:
" رَوَى الضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنَّ لكلِّ شيءٍ قَلْبًا وَإِنَّ قَلْبَ الْقُرْآنِ "يس". وَمَنْ قَرَأَهَا فِي لَيْلَةٍ أُعْطِيَ يُسْرَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ، وَمَنْ قَرَأَهَا فِي يَوْمٍ أُعْطِيَ يُسْرَ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَإِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يُرْفَعُ عَنْهُمُ الْقُرْآنُ فَلَا يَقْرَءُونَ شَيْئًا إِلَّا "طَهَ" وَ "يس" ". " انتهى من"النكت والعيون" (5 / 35).
وهذا لا يصلح أن يكون متابعا لأثر شهر بن حوشب، لعدم العلم برجال إسناده إلى الضحاك.
فالحاصل؛ أن هذا الأثر ورد بإسناد لا يرفعه إلى درجة الاحتجاج والعمل به.
وقال الدارقطني رحمه الله تعالى بعد أن أعلّ حديثا في فضل قراءة سورة "يس":
" وليس فيها شيء ثابت" انتهى من"العلل" (10 / 269).
والله أعلم.