الحمد لله.
أولا:
لم يثبت ما يدل على أن خبيب بن عدي رضي الله عنه دفنته الملائكة !
أما عامر بن فهيرة رضي الله عنه : فقد جاء في بعض الآثار أن الملائكة دفنته، ومن هذه الآثار:
1- ما أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (3/ 231) : قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : " رُفِعَ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ إِلَى السَّمَاءِ ، فَلَمْ تُوجَدْ جُثَّتُهُ ، يَرَوْنَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ وَارَتْهُ " انتهى.
إلا أنه أثر ضعيف جدا ؛ لأنه من رواية : محمد بن عمر الواقدي وهو متروك الحديث . وينظر: "تهذيب التهذيب" (9 / 366).
كما أن فيه : محمد بن عبد الله - ابن أخي الزهري- ، وهو صدوق له أوهام . قال ابن حبان: " كان رديء الحفظ ، و كثير الوهم " . وينظر : "تهذيب التهذيب" (9 / 280).
2- ما أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (5/ 382) قال : قَالَ مَعْمَرٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ : أَخْبَرَنِي ابْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : " جَاءَ مُلَاعِبُ الْأَسِنَّةِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَدِيَّةٍ ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ فَأَبَى أَنْ يُسَلِّمَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنِّي لَا أَقْبَلُ هَدِيَّةَ مُشْرِكٍ ) . قَالَ فَابْعَثْ إِلَى أَهْلِ نَجْدٍ مَنْ شِئْتَ فَأَنَا لَهُمْ جَارٌ . فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ نَفَرًا ، [فيهم] الْمُنْذِرَ بْنَ عَمْرٍو وَهُوَ الَّذِي كَانَ يُقَالُ الْمُعْنِقُ لَيَمُوتَ ، وَفِيهِمْ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ ، فَاسْتَجَاشَ عَلَيْهِمْ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ بَنِي عَامِرٍ، فَأَبَوْا أَنْ يُطِيعُوهُ وَأَبَوْ أَنْ يُخْفِرُوا مُلَاعِبَ الْأَسِنَّةِ ، قَالَ : فَاسْتَجَاشَ عَلَيْهِمْ بَنِي سُلَيْمٍ ، فَأَطَاعُوهُ، فَاتَّبَعُوهُمْ بِقَرِيبٍ مِنْ مِائَةِ رَجُلٍ رَامٍ ، فَأَدْرَكُوهُمْ بِبِئْرِ مَعُونَةَ ، فَقَتَلُوهُمْ إِلَّا عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيّ، فَأَرْسَلُوهُ . قَالَ الزُّهْرِيُّ : فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ لَمَّا رَجَعَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَمِنْ بَيْنِهِمْ؟ ) . قَالَ الزُّهْرِيُّ : " وَبَلَغَنِي أَنَّهُمْ لَمَّا دَفَنُوا، الْتَمَسُوا جَسَدَ عَامِرِ بْنِ فُهَيْرَةَ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ، فَيَرَوْنَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ دَفَنَتْهُ " انتهى.
3- ما أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (3/ 231) : عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ، وَرِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ : " أَنَّ عَامِرَ بْنَ فُهَيْرَةَ كَانَ مِنْ أُولَئِكِ الرَّهْطِ الَّذِينَ قُتِلُوا يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ . قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : فَزَعَمَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ فَلَمْ يُوجَدْ جَسَدُهُ حِينَ دُفِنَ . قَالَ عُرْوَةُ : وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ هِيَ دَفَنَتْهُ "انتهى.
كما أخرج ذلك أبو نعيم في "حلية الأولياء" (1/ 110) : من طريق عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي ابن ابْن كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : " بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَنِي سُلَيْمٍ نَفَرًا فِيهِمْ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ ، فَاسْتَجَاشَ عَلَيْهِمْ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ، فَأَدْرَكُوهُمْ بِبِئْرِ مَعُونَةَ فَقَتَلُوهُمْ " . قَالَ الزُّهْرِيُّ : " فَبَلَغَنِي أَنَّهُمُ الْتَمَسُوا جَسَدَ عَامِرِ بْنِ فُهَيْرَةَ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ ، قَالَ : فَيَرَوْنَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ دَفَنَتْهُ " .
والآثار المذكورة : عامتها بلاغات من الزهري وعروة بن الزبير ، وهما لم يشهدا الحادثة ؛ لأن عامر بن فهيرة قتل في بئر معونة سنة (4 هــ) ، أي قبل أن يولد الزهري وعروة رحمهما الله .
ثانيا:
الكتب المؤلفة عن سير الصحابة رضي الله عنهم كثيرة ومتنوعة ، منها المطولة والمختصرة ، ومنها المسندة وغير المسندة ، ومنها القديمة والمعاصرة .
وقد سبق بيان بعضها في موقعنا في جواب السؤال رقم : (223077).
والله أعلم.