أختي تريد الانفصال عن زوجها، ولا تستطيع البقاء معه، بعد سنوات ومحاولات عديدة من تقبله، ومحاولة محبته، لكنه يرفض الطلاق، وتريد هي طلب الخلع في المحكمة لكنها لا تملك المال لرد المهر له، فقد رفض زوجها أن تعمل، وأطاعته في ذلك، ولا يستطيع أحد من أسرتنا مساعدتها؛ فحالتنا المادية ضعيفة، وكذلك لا يمكن الأصدقاء مساعدتها في جمع مبلغ المهر. فهل يمكن للقاضي قبول الخلع دون رد المهر؟ أو ماذا يمكنها أن تفعل؟ فقد حاولت الإصلاح ما استطاعت وتوسط بعض الأشخاص لإقناع الزوج بالطلاق ولم يقبل.
الحمد لله.
إذا كان الزوج مضرا بزوجته، يقصر في نفقتها، أو يؤذيها بالقول والفعل، جاز لها طلب الطلاق للضرر، فإن أبى، أرغمه القاضي على ذلك.
فإن لم يكن من الزوج ضرر، لكن كرهت المرأة البقاء معه، فليس أمامها إلا الخلع، فترد عليه مهره، أو ما يتفقان عليه.
روى البخاري (5273) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: " أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّه، ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ، مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلَا دِينٍ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً.
وعند ابن ماجه (2056) (لا أطيقه بغضاً) صححه الألباني في "صحيح ابن ماجه".
ويجوز أن يخالعها على إرضاع ولده مدة معينة، أو على أن يَسكن دارها مدة معينة، أو أن يخالع حاملا على نفقة حملها، أو على أن تكفل الولد مدة معينة، أو على تنازلها عن مؤخر مهرها.
قال في "كشاف القناع" (12/152-154) ط وزارة العدل:
"(وإن خالعها على رضاع ولده المعين) ، منها أو من غيرها، مدة معلومة : صح .
(أو) خالعها (على سكنى دار معينة ، مدة معلومة : صح) الخلع ، قلّت المدة أو كثرت؛ لأن ذلك مما تصح المعاوضة عليه في غير الخلع ففيه أولى ...
(وكذا لو خالعته) الزوجة (على كفالته) ، أي الولد ، مدة معينة ، (أو) خالعته على (نفقته مدة معينة ، كعشر سنين ونحوها) : صح ، ولو لم يصف النفقة، فلا يشترط ذكر الطعام وجنسه ، كما يأتي .
(والأولى أن يذكر مدة الرضاع) من تلك المدة، (و) أن يذكر (صفة النفقة ، بأن يقول: ترضعينه من العشر سنين حولين أو أقل ، بحسب ما يتفقان عليه ، ويذكر ما يقتاته) الولد (من طعام وأدم، فيقول حنطة أو غيرها ، كذا وكذا قفيزا ، و) يذكر (جنس الأدم .
فإن لم يذكر مدة الرضاع منها) ، أي من المدة التي خالعها على كفالته ، أو نفقته فيها ، كالعشر سنين، (ولا) ذكر (قدر الطعام والأُدم: صح) الخلع لما، تقدم (ويُرجع إلى العرف والعادة)؛ فمدة الرضاع إلى حولين والنفقة ما يستعمله مثله.
...
(وإن خالع حاملا على نفقة حملها صح) الخُلع؛ لأنها مستحَقَّة عليه بسبب موجود، فصح الخلع بها، وإن لم يعلم قدرها، كنفقة الصبي، (وسقطت) النفقة (نصا) [أي : نص على ذلك الإمام أحمد] ؛ لأنها صارت مستحقة له.
(ولو خالعها وأبرأته من نفقة حملها، بأن جعلت ذلك عوضا في الخلع: صح) ذلك كما تقدم" انتهى.
فكل هذا جائز، فإن كانت المرأة لا تملك شيئا من ذلك، وأبى الزوج الخلع إلا برد مهره، فهذا حقه، وعليها أن تنتظر حتى تجد عوض الخلع.
والله أعلم.