الحمد لله.
الواجب في تطهير النجاسة من البدن أن تغسل حتى تذهب عينها وأثرها ، ومسحها بالمنديل لا يكفي ، ولا يزيل أثرها.
لكن أجاز الشرع الاستجمار - وهو إزالة ما على السبيلين من نجاسة بعد قضاء الحاجة بالمسح بالأحجار أو المنديل وما أشبه ذلك - توسعة وتخفيفا .
قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى:
" فإن الفقهاء اليوم مجمعون على أن الاستنجاء بالماء أطهر وأطيب، وأن الأحجار رخصة وتوسعة " انتهى من "الاستذكار" (2/233).
لكن تطهير سائر الجسم غير المخرج من النجاسة يبقى على الأصل في تطهيره بالماء لا غير، وهذا الذي عليه المذاهب الأربعة في النجاسة الخارجة من الإنسان نفسه؛ ومن باب أولى إذا كانت النجاسة طارئة من خارج الجسم.
إلا أن الحنفية ألحقوا بالغسل بالماء، الغسل بكل مائع طاهر، كالخل.
قال ابن قدامة رحمه الله تعالى:
" وما عدا المَخرج: فلا يجزئ فيه إلا الماء. وبها قال الشافعي، وإسحاق، وابن المنذر.
يعني: إذا تجاوز المحلَّ بما لم تجر به العادة، مثل أن ينتشر إلى الصفحتين، وامتد في الحشفة، لم يجزه إلا الماء؛ لأن الاستجمار في المحل المعتاد رخصة، لأجل المشقة في غسله، لتكرر النجاسة فيه، فما لا تتكرر النجاسة فيه، لا يجزئ فيه إلا الغسل، كساقه وفخذه " انتهى من "المغني" (1 / 217).
وقال أبو الحسين القدوري رحمه الله تعالى:
" قال أبو حنيفة وأبو يوسف: يجوز إزالة النجاسة بجميع المائعات الطاهرة.
وقال محمد: لا يجوز. وبه قال الشافعي.
لنا:... لأنه مائع طاهر مزيل للعين والأثر، فجاز إزالة النجاسة به، كالماء " انتهى من "التجريد" (1 / 60 - 61).
وجاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية" (4 / 121):
" إن كان النجس طارئا على المحل – مخرج البول والغائط- من خارج: أجزأ فيه الاستجمار، في المشهور عند الحنفية.
وصرح الشافعية والحنابلة بأن الحجر لا يجزئ فيه، بل لا بد من غسله بالماء. وهو قول آخر للحنفية ....
-و- اتفقت المذاهب الأربعة: على أن الخارج إن جاوز المخرج، وانتشر كثيرا: لا يجزئ فيه الاستجمار، بل لا بد من غسله.
ووجه ذلك: أن الاستجمار رخصة لعموم البلوى، فتختص بما تعم به البلوى، ويبقى الزائد على الأصل في إزالة النجاسة بالغسل " انتهى.
وسُئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:
" ما رأي سماحتكم في رذاذ البول الذي يتناثر على الملابس والجسم عند التبول أحيانا؟ هل يكفي المسح عليه؟...
فأجاب: يجب غسل ما أصابه البول، من البدن والثياب، ولا يكفي المسح، وهذا معلوم بالنص والإجماع، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ( استنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه ) ... " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز" (29 / 103).
فالحاصل؛ أن النجاسة التي تصيب البدن تغسل؛ باستثناء مكان المخرج من قبل أو دبر؛ فقد جاء التيسير فيه بالاستجمار، وهذا الذي عليه المذاهب الأربعة.
وكذا النجاسة التي تصيب الثوب: تُغسل؛ لأن الثوب من طبعه تشرب السوائل، فلا يكفي المسح بالمنديل.
والله أعلم