روى مسلم (2373) عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سِلْمًا وفي رواية فَأَكْبَرُهُمْ سِنًّا ، وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ، وَلَا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ). السؤال: هل الشركة أو المحل أو البنك أو مكان العمل أيا كان يأخذ نفس حكم البيت، فيؤم الناس صاحب الشركة، وليس الأقرأ؟
الحمد لله.
أولا:
صاحب السلطان أولى الإمامة من غيره؛ لما روى مسلم (673) عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً، فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ سِلْمًا، وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ، وَلَا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ .
ورواه أيضا (673)، بلفظ: وَلَا تَؤُمَّنَّ الرَّجُلَ فِي أَهْلِهِ، وَلَا فِي سُلْطَانِهِ، وَلَا تَجْلِسْ عَلَى تَكْرِمَتِهِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَكَ، أَوْ بِإِذْنِهِ.
ولأبي داود (582): وَلَا يُؤَمُّ الرَّجُلُ فِي بَيْتِهِ وَلَا فِي سُلْطَانِهِ وَلَا يُجْلَسُ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ .
قال الخطابي رحمه الله: " وقد يتأول أيضا قوله: (ولا في سلطانه) على معنى ما يتسلط عليه الرجل من ملكه في بيته، أو يكون إمام مسجده في قومه وقبيلته " انتهى. "معالم السنن" (1 / 168).
وقال ابن رجب رحمه الله: " وعلى هذه الرواية، فالمراد بأهله: بيته، وبسلطانه: مَا يتصرف فِيهِ بأمره ونهيه، كأمير البلد " انتهى. "فتح الباري" (6 / 136).
وعلى هذا فالسلطان يشمل الأمير، والقاضي، والإمام الراتب، وصاحب البيت، فيقدم على غيره ولو كان أقرأ منه بشرط أن يكون صالحا للإمامة.
جاء في "الموسوعة الفقهية" (6/ 207): " اتفق الفقهاء على أنه إذا اجتمع قوم وكان فيهم ذو سلطان، كأمير ووال وقاض فهو أولى بالإمامة من الجميع حتى من صاحب المنزل وإمام الحي، وهذا إذا كان مستجمعا لشروط صحة الصلاة، كحفظ مقدار الفرض من القراءة، والعلم بأركان الصلاة، حتى ولو كان بين القوم من هو أفقه أو أقرأ منه؛ لأن ولايته عامة، ولأن ابن عمر كان يصلي خلف الحجاج.
وإن لم يكن بينهم ذو سلطان يقدم صاحب المنزل، ويقدم إمام الحي وإن كان غيره أفقه أو أقرأ أو أورع منه، إن شاء تقدم وإن شاء قدم من يريده. لكنه يستحب لصاحب المنزل أن يأذن لمن هو أفضل منه" انتهى.
ثانيا:
مدير الشركة أو المدرسة التي يملكها، هو السلطان فيها، فيقدم على غيره؛ إن كان صالحا للإمامة؛ لعموم ما تقدم.
وكذا مدير الشركة، أو المدرسة، أو المستشفى الحكومية: فيما يظهر؛ لأنه صاحب الأمر والنهي فيها، وله نوع سلطان، فيؤم الناس أو يختار هو من يؤمهم، وفي هذا منع للفوضى والاختلاف.
قال البهوتي رحمه الله في "كشاف القناع" (1/ 473): " (ويقدم عليهما) أي على صاحب البيت وإمام المسجد (ذو سلطان وهو الإمام الأعظم، ثم نوابه كالقاضي، وكل ذي سلطان أولى من) جميع (نوابه)" انتهى.
وقال الدكتور سعد الخثلان حفظه الله: " .. والمدرسة من الأولى بالإمامة؟ مدير المدرسة وإن كان غيره أقرأ منه، ما لم يقدِّم غيرَه، لكن من حيث الأصل: مدير المدرسة هو الأولى بالإمامة.
في الدوائر الحكومية أيضًا: مدير الدائرة أولى بالإمامة؛ لأن هذا في معنى صاحب البيت" انتهى من شرح دليل الطالب.
والله أعلم.