أنا أكبر إخوتي، وأمي وأبي متوفيان، وعندي إخوتي ورواتبهم بيدي أصرفها عليهم، وكلهم بالغون إلا ولد يبلغ من العمر ١١ عاما، وأنا معي مالهم أصرف على نفسي وعليهم، وأي واحد منهم يطلب مني أعطيه ما يحتاجه، يعني لا أقسمه تقسيماً منظماً، بل أصرف بشكل عشوائي، وحين أقسم المال، وأقول : أنت لك كذا، وأنت كذا يغضبون، ويقولون : مالنا واحد، وأنا أنتفع من المال بشيء يسير جداً. فهل علي شيء ؟ وهل عملي صحيح ؟
الحمد لله.
أولا:
البالغ الراشد لا ولاية لأحد عليه في ماله، والرشد: حسن التصرف في المال، وهو ضد السفه، ولا يحجر على سفيه إلا بحكم الحاكم.
قال في " كشاف القناع " (8/ 394): " (ولا يَحجر عليهما) أي: على مَن سَفِه، أو جُنَّ بعد بلوغه ورشده، إلا حاكم " انتهى.
وعليه فإخوانك البالغون الراشدون، لا ولاية لك عليهم في أموالهم.
فإن رضوا بجعل رواتبهم تحت يدك، أو رضوا بخلط رواتبهم براتبك، فلا حرج.
وإن أبوا ذلك، أو أراد أحدهم أن يأخذ ماله، أو أن يأخذ منه ما شاء، فالأمر له، ولا يجوز لك منعه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا لِيُبَلِّغ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ رواه البخاري (67)، ومسلم (1679).
وقوله صلى الله عليه وسلم: لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ رواه أحمد (20172) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (1459).
وليس أمامك إلا النصيحة والإقناع لهم بما فيه مصلحتهم، وحسن النظر في أمرهم، ثم الإشراف على صرفهم، وادخار ما بقي لهم، أو يفتح كل منهم حسابا في بنك إسلامي كالراجحي أو البلاد، يحفظ فيه ماله، أو ينميه، ومن أبى ذلك فالأمر له.
ثانيا:
أما أخوك الأصغر، فإن كان قد بلغ، فالأمر فيه ما تقدم، وإن كان لم يبلغ، فلا ولاية لك عليه في ماله إلا إن كان والدك وصى بذلك، أو عينك القاضي وليا عليه في ماله.
هذا قول الجمهور.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن الولاية في المال على الصغير تكون لأقرب العصبات بالنفس، وهو رواية عن أحمد، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية كما في " الإنصاف " (5/ 324)، ورجحه الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع (9/ 305).
وعلى هذا القول: تكون وليا عليه، وتحفظ ماله وتنميه بما تستطيع، ولا تمكنه من ماله حتى يبلغ راشدا؛ لقوله تعالى: وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا النساء/6
ويجوز حينئذ أن تخلط مالك بماله، ولو لم يرض، وأن تأكل من ماله بالمعروف إذا كنت محتاجا.
والفقهاء يقولون: لولي اليتيم أن يأكل أقل الأمرين: أجرة مثله، أو قدر حاجته، أي إن كان عمله واجتهاده مما يستحق أجرة قدرها 100 مثلا، وكان محتاجا، وحاجته تقدر ب 90، فإنه يأخذ 90
وينظر: جواب السؤال رقم : (186793) .
والله أعلم.