ما هي الدرجة العلمية لكتاب "وفاء الوفاء بأخبار المصطفى" للسمهودي ؟
الحمد لله.
كتاب : "وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى" لعلي بن عبد الله بن أحمد الحسني الشافعي ، نور الدين أبو الحسن السمهودي (المتوفى: 911هـ) .
هو كتاب يتحدث عن أخبار المدينة المنورة ، والمسجد النبوي ؛ من حيث كونها دار الرسول صلى الله عليه وسلم ومقره ، فذكر الكتاب كل ما يتعلق بالمدينة الجليلة ، وكل ما يتعلق بمساكن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وبيّن الأحكام المتعلقة بها وغير ذلك .
وقد جاء هذا الكتاب في ثمانية أبواب :
الباب الأول : في أسماء المدينة المنورة ، وذكر أن لها أربعة وستين اسمًا .
الباب الثاني : في فضلها وخصائصها وفضل السكنى فيها ، وغير ذلك .
الباب الثالث : في أخبار سكانها في سالف الزمان ، ومقدم النبي صلى الله عليه وسلم إليها .
الباب الرابع : فيما يتعلق بأمور المسجد النبوي .
الباب الخامس : في مصلى النبي صلى الله عليه وسلم في الأعياد ، وغير ذلك من المساجد .
الباب السادس : في آبارها وعيونها وغراسها وصدقاتها وغير ذلك .
الباب السابع : في أوديتها ، وأحمائها ، وبقاعها ، وجبالها ، وأعمالها ، ومضافاتها ، ومشهور ما في ذلك من المياه والأودية ، وضبط أسماء الأماكن المتعلقة بذلك .
الباب الثامن : في زيارة النبي صلى الله عليه وسلم وأحكامها ، والأحاديث الواردة في ذلك .
وقد وقع المؤلف في هذا الباب في مخالفات عقدية ، منها :
أنه أجاز الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم ودعائه وطلب الشفاعة والإعانة منه ، فقال في (4/ 193) : " اعلم أن الاستغاثة والتشفع بالنبي صلى الله عليه وسلم وبجاهه وبركته إلى ربه تعالى من فعل الأنبياء والمرسلين ، وسير السلف الصالحين ، واقع في كل حال ، قبل خلقه صلى الله تعالى عليه وسلم وبعد خلقه، في حياته الدنيوية ومدة البرزخ وعرصات القيامة " انتهى.
وقال في (4/ 199) : " خاتمة : في نُبَذٍ مما وقع لمن استغاث بالنبي صلى الله عليه وسلم أو طلب منه شيئا عند قبره ، فأعطي مطلوبه ونال مرغوبه ، مما ذكره الإمام محمد بن موسى بن النعمان في كتابة "مصباح الظلام ، في المستغيثين بخير الأنام" " انتهى .
ثم ذكر تحته بعض الأخبار - التي لا خُطم لها ولا أزمَّة - عن بعض الصوفية الذين استغاثوا بالنبي صلى الله عليه وسلم فنالوا ما طلبوه !
وقد سبق في موقعنا أن الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم وطلب العون منه من الشرك الأكبر ، وذلك في عدة أجوبة منها : (200862).
أما مؤلف الكتاب فهو المؤرخ : علي بن عبد الله بن أحمد بن علي بن عيسى الحسيني ، الملقب : نور الدين السمهودي ، القاهري ، الشافعي ، نزيل الحرمين الشريفين ، ويعرف بالشريف السمهودي.
ولد في صفر سنة أربع وأربعين وثمانمائة بسمهود ونشأ بها فحفظ القرآن ، والمنهاج في الفقه ، ولازم والده حتى قرأ عليه بحثًا مع شرحه للمحلى وشرح البهجة لكن النصف الثاني منه سماعًا ، وجمع الجوامع في أصول الفقه ، وغالب ألفية ابن مالك ، وقدم القاهرة مع والده ، وبمفرده غير مرة .
أولها سنة ثمان وخمسين ، ولازم اولا " الشمس الجوهري " في الفقه وأصوله، والعربية . وأكثر من ملازمة " الشيخ المناوي " وأخذ عنه الكثير من العلوم . وقرأ على " النجم ابن قاضي عجلون " بعض تصحيحه للمنهاج.
وقرأ على " الشمس الشرواني " شرح عقائد النسفي ، للتفتازاني ، وغير ذلك من العلوم .
ثم استوطن القاهرة إلى أن خرج إلى أداء فريضة الحج سنة سبعين وثمانمائة في البحر ، إلا أنه لم يتمكن من الحج في ذلك العام ، فجاور بمكة سنة إحدى وسبعين إلى أن أدى فريضة الحج .
ثم توجّه إلى المدينة المنورة فقطنها ، ولازم وهو فيها " الشهاب الأبشيطي " وحضر دروسه في "المنهاج" وغيره . وأذن له في التدريس. وأكثر من السماع بالمدينة المنورة على شيوخها ، وأخذ عنهم العلم الكثير .
ثم جلس للتدريس وانتفع به الكثيرون من الطلبة في الحرمين الشريفين ، وعمل للمدينة المنورة تاريخًا ، وصنف حاشية على إيضاح النووي في المناسك.
ثم توجه فزار بيت المقدس ، وعاد إلى القاهرة ، ثم رجع إلى المدينة المنورة ، فاستوطنها .
وظلّ في عمل متصل بين التصنيف ، والتدريس ، والتنقل من مكان إلى مكان حتى توفاه الله تعالى قريبا من سنة 911 ه أو 912 .
انتهى من "معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ" (2/ 265)
ويتبين من سيرة المؤلف أنه تأثر بعقائد المتصوفة ؛ مما أدى إلى وقوعه في شيء من المخالفات العقدية التي سبق طرف منها .
والحاصل :
أن طالب العلم يستفيد من الكتاب في الجانب التاريخي المتعلق بالمدينة وتاريخها وخصائصها، وفضلها وفضل سكناها ونحو ذلك ، أما ما ذُكر فيه في باب زيارة النبي صلى الله عليه وسلم من الاستغاثة به وطلب العون منه ونحو ذلك فلا بد من الحذر منه .
والله أعلم.