حكم برمجة ما يتعلق بالمراهنات الرياضية

08-12-2020

السؤال 334296

أنا أعمل مبرمجا، طلب مني أحد العملاء أن أصلح له برنامجا، يقوم بنقل أخبار المراهنات الرياضية من موقع ما إلى مجموعات تواصل فى تليجرام، سألته عن طبيعة عمل هذه المراهنات، فأخبرني أنها تختلف عن القمار والميسر؛ حيث إنه فى هذا النوع لا يوجد خسارة أموال، البرنامج يقوم بنقل أحدث هذه المراهنات ـ لا أفهم جيدا هذه الأشياءـ ، ومن ضمن الرياضات رأيت الرماية، مع العلم إن المتحكم فى نوعية المباريات هو العميل. فما حكم هذا العمل ؟ هل يعد حراما؛ لأنه لا يجوز المراهنة على معظم الرياضات؟

ملخص الجواب:

لا يجوز بذل العوض أو الجوائز في مثل هذه المراهنات ، سواء كان من أحد المتسابقين أو من طرف آخر غيرهما . ولا يجوز الرهان على صحة التوقع، ولو بغير مال؛ لأنه رجم بالغيب، ولا يجوز برمجة شيء يتعلق بهذه المراهنات.

الجواب

الحمد لله.

المراهنات الرياضية يراد منها: توقعات جماعة من الناس للفائز في مباراة أو سباق معين، وهذه المراهنات حرام، سواء كانت على مال أو جائزة، أو كانت مجانا، لما يلي:

1-أنها رجم بالظن الكاذب، فما يدريه أن النتيجة ستكون بهذه النسبة التي توقعها ؟

2-أنها إن كانت على مال أو جائزة تؤخذ من الخاسر، فهي قمار محرم، وإن كانت تؤخذ من طرف ثالث فهي عوض فيما لا يحل فيه أخذ العوض.

وإنما يحل أخذ العوض أو الجائزة في سباق الخيل والإبل والسهام، وما يلحق بذلك كمسابقات القرآن والحديث والفقه مما يعين على إقامة الدين ونشره؛ لما روى أبو داود (2574)، والترمذي (1700) وحسنه، وابن ماجة (2878) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :  لَا سَبَقَ إِلَّا فِي نَصْلٍ أَوْ خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ  وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" وغيره .

والسبَق : ما يُجعل للسابق على سبقه من جُعل أو جائزة ، وقال ابن الأثير في "النهاية" (2 / 844) : " ما يُجْعل من المَال رَهْنا على المُساَبَقة " انتهى .

قال السندي رحمه الله :

" قَالَ الْخَطَّابِيُّ : أَيْ لَا يَحِلّ أَخْذ الْمَال بِالْمُسَابَقَةِ إِلَّا فِي هَذَيْنَ ، وَهُمَا الْإِبِل وَالْخَيْل ، وَأُلْحِقَ بِهِمَا مَا فِي مَعْنَاهَا مِنْ آلَات الْحَرْب ؛ لِأَنَّ فِي الْجُعْل عَلَيْهَا تَرْغِيبًا فِي الْجِهَاد وَتَحْرِيضًا عَلَيْهِ " انتهى من " حاشية السندي على سنن ابن ماجة " (2 /206).

وقال ابن القيم رحمه الله في كتابه: " الفروسية ص 318": " المسألة الحادية عشرة: المسابقة على حفظ القرآن والحديث والفقه وغيره من العلوم النافعة، والإصابة في المسائل، هل تجوز بعوض؟

منعه أصحاب مالك وأحمد والشافعي، وجوزه أصحاب أبي حنيفة، وشيخنا، وحكاه ابن عبد البر عن الشافعي، وهو أولى من الشباك والصراع والسباحة، فمن جوز المسابقة عليها بعوض فالمسابقة على العلم أولى بالجواز، وهي صورة مراهنة الصِديق لكفار قريش على صحة ما أخبرهم به، وثبوته، وقد تقدم أنه لم يقم دليل شرعي على نسخه، وأن الصديق أخذ رهنهم بعد تحريم القمار، وأن الدين قيامه بالحجة والجهاد؛ فإذا جازت المراهنة على آلات الجهاد، فهي في العلم أولى بالجواز، وهذا القول هو الراجح " انتهى.

وجاء في الموسوعة الفقهية (23/ 171): " يأتي الرهان على معان منها:

المخاطرة: جاء في لسان العرب: الرهان والمراهنة: المخاطرة. يقال: راهنه في كذا، وهم يتراهنون، وأرهنوا بينهم خطرا.

وصورة هذا المعنى من معاني الرهان: أن يتراهن شخصان، أو حزبان، على شيء يمكن حصوله، كما يمكن عدم حصوله بدونه، كأن يقولا مثلا: إن لم تمطر السماء غدا، فلك علي كذا من المال، وإلا فلي عليك مثله من المال.

والرهان بهذا المعنى حرام - باتفاق الفقهاء بين الملتزمين بأحكام الإسلام - من المسلمين والذميين؛ لأن كلا منهم متردد بين أن يغنم أو يغرم، وهو صورة القمار المحرم" انتهى.

وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (15/ 239): " س: ما حكم المراهنة والتي تسمى بأنها حق؟ وما حكمها إذا كانت من طرف واحد، كأن يقول الشخص: إن تم هذا الموضوع فلكم علي حق أن أعزمكم مثلا؟ وجزاكم الله خيرا.

ج: لا تجوز المراهنة بالمال إلا فيما استثناه الشارع، وهو: السباق على الخيل أو الإبل أو الرماية، وما عدا ذلك من أنواع المراهنات لا يجوز أخذ المال فيه؛ لأنه من أكل المال بالباطل، ومن الميسر الذي حرمه الله ورسوله. وأما قول الشخص: إن تم لي هذا الأمر فلكم علي كذا، فهذا من باب الوعد، والوفاء به مشروع إذا تيسر ذلك.

وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

بكر بن عبد الله أبو زيد ... صالح بن فوزان الفوزان ... عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز" انتهى.

وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله: " بعض الناس يراهن فيقول: إذا كان كذا سأعطيك ما قيمته كذا وكذا، والعكس، وهذا يسمونه الرهان، هل هو حلال أم حرام؟

ج: هذا ليس بحلال، بل هو محرم، هذه مراهنة من باب القمار والميسر، الذي قال الله فيه سبحانه: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، والميسر هو القمار، مثل: إن كان كذا فكذا، وإن كان كذا فكذا، وإن كان فلان جاء فلك كذا، وإن كان ما جاء فعليك كذا، أو: إن كان الذي معك حجر أو ذهب، على حسب ما يختلفان فيه، المقصود أن مثل هذه المراهنات تعتبر من جملة الميسر والقمار، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا سبق إلا في نصلٍ أو خفٍ أو حافر.

والسبَق العوض، يعني: لا عوض إلا في نصلٍ، أو خف أو حافر، يعني: في الرمي وفي مسابقات الخيل، أو المسابقة بالإبل.

لكن المسابقة في العلم ليس من هذا الباب، بل من باب الجعالة، إذا قال: من تعلم كذا وكذا من القرآن أو من السنة أو من كتاب كذا فله كذا، هذا من باب الجعالة، من باب الأجرة، أو أسئلة تلقى في القرآن أو السنة، إذا أجاب عنها فله كذا، هذا من باب التعليم، من باب التوجيه إلى الخير، من باب التشجيع على العلم، هذا غير داخل في المحرم، لأن هذا من باب التشجيع على العلم والتوجيه إلى الخير، وجعل الجعالة والأجرة تعين على العلم، أما المراهنة فهي المغالبة، هذا يقول كذا، وهذا يقول كذا" انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (19/ 300).

والحاصل:

أنه لا يجوز بذل العوض أو الجوائز في مثل هذه المراهنات ، سواء كان من أحد المتسابقين أو من طرف آخر غيرهما .

ولا يجوز الرهان على صحة التوقع، ولو بغير مال؛ لأنه رجم بالغيب، ولا يجوز برمجة شيء يتعلق بهذه المراهنات.

وننبه إلى أن المقصود بسباق الخيل أو السهام الجائز : هو أن يتسابق اثنان على فرسيهما، أو أن يتسابقا بسهامهما أيهما يصيب، وليس المراهنة على من يفوز من المتسابقين.

والله أعلم.

المسابقات والألعاب
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب