غلط فأعطى للجمعية أكثر مما أراد التصدق به فهل له الرجوع ؟

10-11-2020

السؤال 340703

كنت أنوي التبرع لجمعية خيرية كل ليلة خلال العشر ليال الأخيرة من رمضان، وكنت أرغب في التبرع بمبلغ إجمالي قدره 500 دولار، 50 دولارًا كل ليلة، لكن أعتقد أنني وضعتها بشكل خاطئ، وبدلاً من الإجمالي 500 دولار (50 دولارًا في الليلة)، أصبح 500 دولار في الليلة، و5000 دولار في المجموع، وكان هذا أكثر بكثير مما يُمكنني تحمله في الوقت الحالي، أعلم أن المسلمين ليس من المفترض أن يكونوا مُسرفين في أعمالهم الخيرية، لقد كانت حادثة، أنا نويت فقط ب 500 دولار، فهل يجوز طلب التبرّع الإضافي؟ لأن الخطأ من جانبي سوف أضاعف طوعيّا تبرّعي الأولي إلى إجمالي 1000 دولار، وأستطيع تحمل هذا القدر الآن، وسأطلب فقط 4000 دولار، والتي لم تكن زكاة بالنسبة لي بل صدقة.

الجواب

الحمد لله.

أولا: الجمعية الخيرية وكيلة عن المتصدقين

الجمعية الخيرية وكيلة عن المتصدقين، ومن دفع الصدقة إلى وكيله، جاز له الرجوع فيها قبل أن يقبضها الفقير أو المستحق.

قال الإمام النووي رحمه الله تعالى :

" من دفع الي وكليه أو ولده أو غلامه أو غيرهم شيئا، يعطيه لسائل أو غيره صدقة تطوّع ، لم يزل ملكه عنه حتّى يقبضه المبعوث إليه ، فإن لم يتّفق دفعه إلى ذلك المعين، استحب له ألا يعود فيه ، بل يتصدّق به على غيره ، فإن استردّه وتصرّف فيه جاز لأنّه باق على ملكه "انتهى من " المجموع شرح المهذب " ( 6 / 239 ) .

وقال في "شرح منتهى الإرادات" (1/468) : "ومن ميز شيئاً للصدقة به، أو وكل فيه، ثم بدا له أن لا يتصدق به: سن له إمضاؤه، مخالفة للنفس والشياطين ، ولا يجب عليه إمضاؤه ; لأنها لا تملك قبل القبض" انتهى .

وهذا قول أكثر الفقهاء . وانظر : "المغني" (5/379 ، 383).

أما إذا قبضها الفقير أو المستحق بنفسه أو عن طريق وكيله، فلا يجوز الرجوع فيها اتفاقا؛ لما رواه البخاري في صحيحه (2589) عن ابن عباس رضي الله عنهما : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :  الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِه ، وفي لفظ (2623)  الْعَائِدَ فِي صَدَقَتِهِ .

وقد بوب البخاري في صحيحه باب : "لا يحل لأحد أن يرجع في هبته وصدقته".

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "وأما الصدقة ، فاتفقوا على أنه لا يجوز الرجوع فيها بعد القبض" انتهى من "فتح الباري" (5/ 235).


ثانيا: غلط فأعطى للجمعية أكثر مما أراد التصدق به 

إذا حصل غلط، كأن يخرج الإنسان 100 ريال وهو يريد عشرة، أو يخرج 5000 وهو يريد 500، فالظاهر أن له الرجوع حتى لو وصل المال للفقير، إذا أمكن الرجوع بأن عرف الفقير الذي أخذ ماله.

ومستند جواز الرجوع أنه لم ينو التصدق بالزائد، وإنما خرج منه بالغلط، وقد ذكر الفقهاء ما يشبه ذلك، فيما لو ظن أن عليه زكاة، فدفع المال للفقير؛ ثم بان أنه لا زكاة عليه: فأجاز بعضهم الرجوع على الفقير.

قال ابن اللحام في "القواعد" ص355: " إذا ظن رب المال أن عليه زكاة، فأخرجها ثم بان أن لا شيء عليه؛ لم يرجع بها على المسكين، لوقوعها نفلا. قال القاضي: وذكره أبو البركات محل وفاق.

قلت: ويتخرج لنا قول بالرجوع؛ من مسألة: ما إذا عجل الزكاة، فدفعها إلى الفقير، ثم بان المعجَّل غير زكاة، بأن هلك المال، فإنه هل يرجع على الفقير أم لا ؟ حكى طائفة من الأصحاب وجهين، وحكى القاضي أبو الحسين وغيره روايتين.

والمذهب عن القاضي أبي يعلى وأبي البركات وغيرهما: عدم الرجوع...

هذا إذا قبضها الفقير أما إذا دفعها إلى الساعي، ولم يدفعها الساعي إلى الفقير؛ فإن المالك يرجع إلى الساعي، بالاتفاق ...

وقال ابن حامد: إن دفعها رب المال إلى الفقير، رجع عليه إن أعلمه أنها زكاة معجلة، وإن دفعها إلى الإمام، رجع مطلقا.
قال ابن تميم: ومن أخرج زكاة على وجه لا يجزئ، أو بان الآخذ غنيا: فالحكم في الرجوع كالمعجلة. وذكره غيره أيضا.
وذكر ابن تميم أيضا في موضع آخر، ما ذكره غيره: أنه يرجع على الغني بها، أو بقيمتها، إذا أعلمه أنها زكاة، رواية واحدة.
قلت: وجزم غير واحد بالرجوع إذا دفع الزكاة على وجه لا تجزئ" انتهى.

وعليه؛ فلك أن تراجع الجمعية، وتشرح لها الأمر، وتسترد ما وضعته في حسابها بالغلط ، وتمضي صدقتك فيما نويته .

والله أعلم.

الصدقات
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب