هل تصبح إفرازات فرج المراة نجسة عند اختلاطها بالمذي ؟
الحمد لله.
أولا:
سبق في الموقع بيان طهارة هذه الافرازات الخارجة من رحم المرأة في جواب السؤال رقم: (50404).
ثانيا:
المذي قد قامت الأدلة على نجاسته والأمر بالتطهر منه.
عن عَلِيٍّ رضي الله عنه، قَالَ: " كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً، فَأَمَرْتُ رَجُلًا أَنْ يَسْأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِمَكَانِ ابْنَتِهِ، فَسَأَلَ، فَقَالَ: تَوَضَّأْ، وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ رواه البخاري (269)، ومسلم (303).
و روى عبد الرزاق في "المصنف" (1 / 159) عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ فِي الْمَذْيِ وَالْوَدْيِ وَالْمَنِيِّ: "مِنَ الْمَنِيِّ الْغُسْلُ، وَمِنَ الْمَذْيِ وَالْوَدْيِ الْوُضُوءُ؛ يَغْسِلُ حَشَفَتَهُ وَيَتَوَضَّأُ ".
وهذا الذي عليه جماهير أهل العلم حتّى عدّه بعضهم إجماعا.
قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى:
" المذي المعهود المعتاد المتعارف...
هو موضع إجماع لا خلاف بين المسلمين في إيجاب الوضوء منه، وإيجاب غسله لنجاسته " انتهى من"التمهيد" (21 / 207).
ثالثا:
المائعات غير الماء: كالماء في ملاقاتها للنجاسة، فتنجس إن بقيت فيها عين النجاسة وظهرت آثارها في المائع، ويحكم بطهارة المائع إذا لم يحصل تغير له، ولم تظهر فيه آثار النجاسة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
" الصحيح في الماء أنه لا ينجس إلا بالتغير إما مطلقا، وإما مع الكثرة - فكذلك الصواب في المائعات.
وفي الجملة التسوية بين الماء والمائعات ممكن على التقديرين، وهذا مقتضى النص والقياس في مسألة إزالة النجاسات، وفي مسألة ملاقاتها للمائعات الماء وغير الماء.
ومن تدبر الأصول المنصوصة المجمع عليها، والمعاني الشرعية المعتبرة في الأحكام الشرعية تبين له أن هذا هو أصوب الأقوال، فإن نجاسة الماء والمائعات بدون التغير بعيد عن ظواهر النصوص والأقيسة" انتهى من"مجموع الفتاوى" (21 / 508).
وبناء على هذا، وبناء على أن المذي والإفرازات مخرجهما مخرج واحد؛ فإنها تنجسه، خاصة إذا كان المذي كثيرا، لأن الافرازات ليست بالكثرة التي يتحلل فيها المذي وتفنى فيها أوصافه.
قال الرحيباني رحمه الله تعالى:
" (وإن اختلط) النجس بغيره (ولم ينضبط حرم) الكل تغليبا للحظر، وكذا لو كان مائعا للخبر." انتهى. من "مطالب أولي النهى" (1/239)، وينظر: "كشاف القناع" (1 / 188)، "الإنصاف" للمرداوي (1/344).
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:
" الماء القليل جدا يتأثر بالنجاسة غالبا، فينبغي إراقته، والتحرز منه؛ ولهذا ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه، ثم ليغسله سبع مرات ) أخرجه مسلم في صحيحه؛ وما ذاك إلا لأن الأواني التي يستعملها الناس تكون في الغالب صغيرة، تتأثر بولوغ الكلب، وبالنجاسات وإن قلت، فوجب أن يراق ما بها إذا وقعت فيه نجاسة؛ أخذا بالحيطة، ودرءا للشبهة؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك )، وقوله صلى الله عليه وسلم: ( من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ) " انتهى من"مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز" (10 / 16 - 17).
والله أعلم.